صحيفة اللوموند
12 نيسان 2013 بقلم آلان فراشون Alain Franchon
تواجه الدول العظمى منذ عدة سنوات امتحاناً
مزعجاً هو: التفاوض مع إيران. والنتيجة لا شيء تقريباً. لم تتراجع إيران، وتواصل
سباقها إلى السلاح النووي. لم تنجح دول مجموعة الستة بإخافة مرشد الجمهورية
الإسلامية آية الله علي خامنئي الذي يقف بوجه هذا التحالف بين الدول العظمى. تمتحن
إيران هذا العالم المُتعدد الأقطاب في بداية القرن الواحد والعشرين: هل العالم
قادر على منع انتشار السلاح النووي؟.
تقول
الولايات المتحدة أن إيران ستمتلك القدرة على صناعة السلاح النووي خلال عام واحد.
قال وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا في فصل الشتاء الماضي: "لم يتخذ
القادة الإيرانيون حتى الآن قرار القيام بتطوير أسلحة نووية، ولكن كل شيء يُشير
إلى أنهم يواصلون زيادة قدرتهم في هذا المجال". باختصار، تقترب طهران من
القنبلة.
اجتمع دبلوماسيو مجموعة الستة يوم السبت 6 نيسان
مع نظيرهم الإيراني سعيد جليلي في كازاخستان. طرحت مجموعة الستة اقتراحاً على
الطاولة بهدف إقامة مناخ من الثقة: يتضمن هذا الاقتراح قيام إيران باتخاذ بعض
الإجراءات الهادفة إلى السماح بالرقابة على برنامجها النووي، بالمقابل، تقوم
مجموعة الستة بتخفيف نظام العقوبات الاقتصادية المفروض على إيران. رفضت إيران هذا
الاقتراح، ولم تناقشه. تمسك المفاوض الإيراني سعيد جليلي بالطلبات الإيرانية
المطروحة كشرط مسبق للمفاوضات وهي: يجب على مجموعة الستة الاعتراف بحق طهران في
تخصيب اليورانيوم ورفع جميع العقوبات عنها. غادر الطرفان الاجتماع بدون تحديد موعد
الاجتماع القادم. إنه مأزق واضح.
من
الممكن السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم ولكن بشروط صارمة جداً وتحت رقابة دقيقة.
ولكن ذلك لا يجب أن يكون نقطة البداية في المفاوضات، بل نتيجة لها. هناك شكوك
متبادلة، تخشى طهران من أن واشنطن تريد زعزعة استقرار الجمهورية الإسلامية تحت تأثير
العقوبات المتشددة أكثر فأكثر. كما تخشى الولايات المتحدة من أن إيران تريد إطالة
فترة المفاوضات من أجل هدف وحيد هو متابعة نشاطاتها في تخصيب اليورانيوم.
تتحمل جميع الأطراف جزءاً من المسؤولية في هذا
المأزق. إن مجموعة الستة قوية على الورق، وما زال موقف جميع الدول فيها واحداً
بفضل كاترين أشتون التي تقوم بإدارة المفاوضات: أي أنه يجب على إيران إطاعة مجلس
الأمن وقبول المفتشين الأمميين وإيقاف برنامجها لتخصيب اليورانيوم. ولكن مجموعة
الستة ليس لديها ما يُخيف طهران، إنها منقسمة جداً فيما بينها لدرجة أنها غير قادرة
على ممارسة ضغوط حقيقية. لقد قامت هذه الدول بالتصويت على العقوبات، ولكن الصين
وروسيا لا تؤيدان فعلاً هذه العقوبات. قالت بكين وموسكو أنهما لن تُصوّتا على
عقوبات جديدة. أكدت قمة البريكس BRICS (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) التي جرت في شهر
آذار، معارضتها "للتهديدات العسكرية والعقوبات أحادية الجانب"، واعتبرت
هذه الدول أن العقوبات التجارية الأكثر قسوة ضد إيران هي تلك العقوبات التي قررتها
الولايات المتحدة وأوروبا، وأنها "عقوبات أحادية الجانب". قال الأمين
العام السابق للحلف الأطلسي خافيير سولانا: "أعتقد أن مستوى التماسك والحزم
يتراجع داخل مجموعة الستة". ليس هناك أي سبب يمنع إيران من التفكير مثل
خافيير سولانا، إن مجموعة الستة هي "نمر من ورق".
هل
يجب المراهنة على قنوات بديلة مثل المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران؟ المشكلة
هي أن الولايات المتحدة تفتقد للمصداقية، لأنها عندما كانت تؤكد إرادتها بالحوار
مع طهران في بداية الولاية الأولى لباراك أوباما، كانت واشنطن في الوقت نفسه
تُشارك في هجوم بالفيروسات ضد المنشآت النووية الإيرانية. إنه ليس الوضع المثالي
لإقناع طهران بـ "الإرادة الحسنة" الأمريكية.
لم يترك
باراك أوباما أمامه هامشاً كبيراً للمناورة. إنه يعلن موقفاً حاسماً بأن إيران لن
تملك السلاح النووي، وأن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام القوة من أجل منعها. في
الوقت نفسه، لا يريد الرئيس حرباً تؤدي إلى إعادة انخراط الولايات المتحدة في
الشرق الأوسط الكبير. إنه يعتبر بأنه يجب على الولايات المتحدة الخروج من المنطقة
وليس الغرق فيها مرة جديدة. أخيراً، لا يتحكم بارك أوباما لوحده بسلاح العقوبات،
ولا يمكنه استخدام هذا السلاح كما يحلو له. لقد تم التصويت على هذه العقوبات في
الكونغرس الذي أصبح الوحيد القادر على تعليق هذه العقوبات أو تشديدها.
الطرف الأخير في هذه اللعبة هو إيران التي ليست
في أفضل حالاتها. ستجري الانتخابات الرئاسية في إيران في شهر حزيرن، ولكن لا شيء
يضمن بأن الأمور ستكون مختلفة بعدها. ما زال النظام يؤكد صفاته الثابتة المُتمثلة
بأنه عقدة شائكة من الخصومات بين الأطراف التي تتقاسم السلطة داخل إيران. إنه
منغلق داخل مزاودات قومية تمنعه من اتخاذ القرار، خوفاً من اتهامه بالخيانة من قبل
الآخرين، ولا أحد يتجرأ على المطالبة بمفاوضات حقيقية حول الملف النووي. من أجل أن
يتصرف النظام الإيراني بشكل مختلف، يجب على الطرف المعني في طهران إبراز أن إيران
ستكون رابحة في هذه المفاوضات. يفترض ذلك أن نضع دفعة واحدة على الطاولة
"الانتصار" الذي سيُحققه النظام في حال تخليه عن نشاطاته المشتبه بها:
أي الحق المحدود والمُراقب بتخصيب اليورانيوم، ورفع العقوبات وتطبيع العلاقات
الدبلوماسية. لم يتم القيام بذلك، أو لم يتم القيام به بشكل كاف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق