صحيفة اللوموند
20 نيسان 2013 بقلم مراسلها في إسرائيل لوران زوكيني Laurent
Zecchini
أصبح
موقف الملك الأردني من الحرب في سورية أكثر فأكثر غموضاً وإزعاجاً. يشعر العاهل
الهاشمي بالسرور بعد تأكيد الدعم الأمريكي المالي والعسكري على الرغم من التهديدات
الواضحة للرئيس السوري ضد الأردن. ولكن بالمقابل، إن هذا الدعم الأمريكي يزيد من
هشاشة المملكة كاشفاً عن الطابع الوهمي للحياد الأردني في هذا النزاع. يؤكد الملك
معارضته لتدخل عسكري خارجي في سورية، ويدعو إلى حل سياسي، ولكن دون أن يكون موقفه
مُقنعاً.
هدد
بشار الأسد يوم الأربعاء 17 نيسان قائلاً: "لن يتوقف الحريق عند حدودنا. يعرف
الجميع أن الأردن مُعرّض أيضاً مثل سورية". تعتبر دمشق أن المملكة تلعب
بالنار عبر السماح للولايات المتحدة ودول أخرى بتدريب وتسليح المتمردين السوريين
انطلاقاً من أراضيها. لقد نفى رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور هذه الاتهامات
بشكل قاطع، ولكن الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية محمد المومني أكد في اليوم
نفسه إرسال قافلة جديدة من المستشارين الأمريكيين إلى الأردن، وذلك بعد يوم واحد
إعلان واشنطن لذلك.
تم
إرسال حوالي 150 خبيراً عسكرياً أمريكياً إلى الأردن في شهر تشرين الأول 2012، ومن
المفترض أن عددهم يتجاوز المئتين حالياً. من أجل ماذا؟ أجاب محمد المومني قائلاً:
"من أجل تعزيز القوات الأردنية على ضوء تدهور الوضع في سورية"، ولكن
الجيش الأردني لم يكن راضياً عن هذا التوضيح، وأكدت هيئة الأركان الأردنية أن
تواجد الجنود الأمريكيين في الأردن هو في إطار المناورات السنوية تحت اسم: "Eeger Lion"
التي تشارك فيها الولايات المتحدة وثمانية دول أخرى. إن هذين التفسيرين غير
متناقضين. إذا كان صحيحاً أن مناورات "Eeger Lion" تجري منذ عام 2011، فإن هذه
المناورات التي تؤكد على دور القوات الخاصة اعتبرها بعض الخبراء أنها تشبه إستعداداً
إستراتيجياً لمواجهة احتمال اتساع الأزمة السورية إقليمياً. لا شك بأن وجود
الخبراء الأمريكيين في الأردن مُرتبط بخطر وقوع جزء من ترسانة الجيش السوري (
ولاسيما الكيميائية) بأيدي المجموعات المتمردة السورية التي تعزز مواقعها على
الحدود الشمالية للأردن ومنطقة الجولان المحاذية لإسرائيل.
يشعر
رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقلق أيضاً من إرادة بعض الدول الأوروبية
تسليح المتمردين السوريين، وحذّر يوم الخميس 18 نيسان من أن الدولة اليهودية تحتفظ
بحق منع استيلاء المجموعات الإسلامية المعادية لإسرائيل على مثل هذه الأسلحة. ولكن
الأردن، بعكس إسرائيل، غير قادر على فرض ذلك على جيرانه. اعتبر خبير غربي في عمّان
أن الجيش الأردني "قادر على دعم عمل عنيف، ولكن ليس لفترة طويلة". لقد
ضاعفت الأردن مرتين عدد جنودها على الحدود المشتركة مع سورية (370 كم).
إذا
كان الأردن يقوم بدوره في مراقبة اللاجئين السوريين الذين يصلون يومياً، فإن
المملكة الهاشمية الصغيرة (6.4 مليون نسمة) ما زالت ضعيفة سياسياً واقتصادياً بسبب
وجود 480.000 لاجىء سوري على أراضيها. إن هذا الوجود الكثيف في مخيمي الزعتري
ومريجب الفهود وبقية أنحاء الأردن، يُلقي بعبئه على الموازنة العامة المتأزمة لبلد
يتجاوز عجز موازنته 10 % من إجمالي الناتج المحلي (PIB). إنه ليس الخطر الوحيد، يشعر
الملك الأردني بحق بالخوف من المثال السوري: من جهة أولى، إن الناشطين السلفيين
الجهاديين الأردنيين الذين ذهبوا إلى القتال في سورية في صفوف المتمردين المُقربين
من تنظيم القاعدة، يُمثلون خطراً بانتقال العدوى الإسلامية إلى المملكة. من جهة
أخرى، يأمل الإخوان المسلمون الأردنيون وجناحهم السياسي جبهة العمل الإسلامي أن
يؤدي سقوط بشار الأسد إلى صدمة تُجبر الملك الأردني على قبول الكثير من مطالبهم.
في شهر تشرين الثاني عام 2011، كان الملك الأردني أول زعيم عربي يدعو بشار الأسد
إلى "ترك السلطة". ربما لم يكن يعرف بالضبط حجم الرهان المخيف الذي
سيُمثله هذا الفراغ السياسي على مملكته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق