صحيفة اللوموند
10 نيسان 2013 بقلم مراسلها الخاص في العراق كريستوف عياد Christophe
Ayad
أدى
فشل الولايات المتحدة في إقامة نظام ديموقراطي مزدهر وهادىء في العراق إلى خلق مُحرّك
مؤسساتي انفجاري. إنها آلة جهنمية في أزمة دائمة، وتظهر انتفاضاتها المفاجئة عبر
موجة من عمليات التفجير التي أصبحت روتينية لدرجة أنه لم يعد هناك أحد يُكلف نفسه
عناء معرفة من يرتكبها ولماذا. كان شهر آذار أحد الأشهر الأكثر دموية منذ انسحاب
الجيش الأمريكي في شهر كانون الثاني 2011 مع مقتل أكثر من 300 شخص. كانت أعمال
العنف تتراجع بشكل واضح ومنتظم منذ عام 2008، ولكنها بدأت بالإرتفاع قليلاً منذ
سنة. إنه مؤشر على أن الأمور تسير بشكل شيء.
بالإضافة إلى النظرة الطائفية للعراق المُقسّم
بين السنة والشيعة والأكراد ـ مع أفضلية واضحة للشيعة والأكراد ـ ، أدى الاحتلال
الأمريكي إلى إقامة نظام سياسي يرتكز على ثلاث أعمدة: الفيدرالية والبرلمانية
وتقاسم السلطة بموجب اتفاق أربيل في خريف عام 2010. أفسح هذا الاتفاق المجال أمام
بقاء رئيس الوزراء نوري المالكي الموجود في السلطة منذ عام 2006. ولكن الأمور لم
تحصل كما كان مرتقباً بعد عشر سنوات من الغزو. فيما يتعلق بالفيدرالية التي تهدف
إلى إعطاء الأكراد حريتهم، فقد تم رفض تطبيقها على السنة والشيعة الذين طالبوا
بها. لقد عارضها نوري المالكي باسم الوحدة الوطنية ونظرته حول مركزية السلطة. فيما
يتعلق بالمجلس الثاني الذي كان يُفترض به تمثيل المناطق، فلم ير النور إطلاقاً.
وما زال البلد يتجاذب بين المركز والأطراف لدرجة أن الأكراد يُهددون اليوم
بالانفصال عن العراق إذا لم يُقلل رئيس الوزراء صلاحياته.
أجبر
اتفاق أربيل جميع القوى السياسية على ممارسة الحكم معاً، على الرغم من الكره
المتبادل فيما بينهم وسعيهم إلى إبعاد بعضهم البعض. ولكن لم يتم تطبيق هذا الاتفاق
إطلاقاً. لقد ظهر أن نوري المالكي هو الأقوى في هذه اللعبة، وقام بتركيز سيطرته
على الجزء الأساسي من الجهاز الأمني: وزارتي الدفاع والداخلية ومجلس الأمن القومي
بالإضافة إلى وزارة العدل. كما استطاع تقسيم خصومه السنة في لائحة العراقية على
الرغم من أنها تقدمت على لائحته الانتخابية، وفرض نفسه زعيماً سياسياً لطائفته بلا
منازع، ونجح في الحصول على دعم الولايات المتحدة وإيران في الوقت نفسه.
أدى
رحيل الجيش الأمريكي في نهاية عام 2011 إلى زعزعة موازين الساحة السياسية
العراقية، وأفسح المجال أمام صراع ضاري من أجل السلطة. في الوقت نفسه، ألحت إيران
المُهددة بسبب الاضطرابات في سورية على أن يقوم السيد المالكي بتقديم دعم أكبر إلى
نظام دمشق والسيطرة على سنة العراق من أجل تجنب أي تأثير بسبب تداعيات الثورة
السورية. أصبح نوري المالكي الطرف الأقوى في العراق حالياً، ولكنه يواجه عزلة لم
يسبق لها مثيل بسبب خلافاته مع الأكراد والسنة. يبدو أن الانتخابات الوطنية عام
2014، في حال إجرائها، ستكون متوترة جداً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق