الصفحات

الثلاثاء، ٣ أيلول ٢٠١٣

(في حال توجيه ضربات، الأسد يُهدد "المصالح الفرنسية")

صحيفة الفيغارو 3 أيلول  2013 ـ مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد ـ أجرى المقابلة مراسلها الخاص في دمشق جورج مالبرونو Georges Malbrunot

سؤال: هل بإمكانكم أن تعطونا دليلا على أن جيشكم لم يلجأ إلى استخدام الأسلحة الكيميائية بتاريخ 21 آب في منطقة الغوطة بضواحي دمشق؟
السيد الرئيس: أولاً، من يوجه الاتهام هو المسؤول عن تقديم الدليل، ونحن تحدينا الولايات المتحدة وفرنسا أن يقدموا دليلا واحدا على هذا الاتهام، وكان أوباما وهولاند عاجزين عن تقديم ذلك حتى أمام شعوبهم. ثانيا، لنتحدث عن مدى منطقية هذا الاتهام. ما هي المصلحة بالهجوم بالسلاح الكيميائي عندما يكون وضعنا الميداني الحالي أفضل بكثير من العام الماضي مثلا.؟ كيف يمكن لجيش في دولة ما أن يستخدم أسلحة دمار شامل، في الوقت الذ يحقق فيه تقدما من خلال الأسلحة التقليدية؟ أنا هنا لا أحدد إذا كان الجيش السوري يمتلك هذه الأسلحة أم لا يمتلكها. ثم لنفترض أن جيشنا يريد استخدام أسلحة الدمار الشامل: فهل يمكن أن يستخدمها في منطقة تتواجد فيها قواته، وتُعرّض بعض جنوده للإصابة بهذه الأسلحة كما لاحظ مفتشو الأمم المتحدة أثناء زيارتهم لهم في المستشفى؟ أين المنطق في ذلك؟ بالإضافة إلى ذلك، هل من الممكن استخدام أسلحة دمار شامل في ضواحي دمشق دون أن تقتل عشرات الآلاف؟ تنتقل هذه المواد عبر الهواء. إن جميع الإتهامات مبنية على إدعاءات الإرهابيين وصور الفيديو العشوائية المنشورة على الأنترنت.
سؤال: يقول الأميركيون انهم التقطوا اتصالا هاتفيا بين مسؤول سوري رفيع المستوى يعترف فيه باستخدام الأسلحة الكيميائية؟
السيد الرئيس: لو كان لدى الأمريكيين أو الفرنسيين أو البريطانيين دليل واحد لأعلنوه منذ اليوم الأول..
سؤال: هل كان يمكن لبعض المسؤولين أو بعض أفراد الجيش السوري أن يكونوا قد اتخذوا مثل هذا القرار دون موافقتكم؟
السيد الرئيس: لم نقل إطلاقاً أننا نمتلك أسلحة كيمائية. وسؤالك يوحي بأشياء لم أقلها، ونحن لم نؤكدها ولم ننفيها كدولة. لكن من المعتاد أن القرار في الدول التي تمتلك مثل هذا السلاح يكون مركزيا.
سؤال: قام الرئيس أوباما بتأجيل الضربات العسكرية ضد سورية،. كيف تفسرون هذا القرار؟
السيد الرئيس: هناك من رأى أن أوباما رئيس قوي لدولة عظمى، لأنه هدد بشن حرب على سورية.  نحن نعتبر أن الرجل القوي هو من يمنع الحرب وليس من يشعلها. لو كان أوباما قويا لوقف وقال: "لا يوجد لدينا أدلة على استخدام الدولة السورية للسلاح الكيميائي. إن الطريق الوحيد هو تحقيقات الأمم المتحدة وبالتالي لنعود جميعا إلى مجلس الأمن". ولكن أوباما ضعيف لأنه خضع لبعض الضغوط الداخلية.
سؤال: ماذا تقولون لأعضاء الكونغرس الذين يجب عليهم التصويت مع أو ضد هذه الضربات؟
السيد الرئيس: يجب على أي شخص يريد اتخاذ هذا القرار أن يسأل نفسه أولاً ماذا حققت الحروب الأخيرة للولايات المتحدة أو حتى لأوروبا.. ماذا حقق العالم من الحرب على ليبيا ؟ ماذا حقق العالم من حرب العراق وغيرها؟ وماذا سيحقق العالم من دعم الإرهاب في سورية؟ إن مهمة أي عضو في الكونغرس هي العمل من أجل مصلحة بلاده. ما هي مصلحة الولايات المتحدة في زيادة عدم الاستقرار والتطرف في الشرق الأوسط؟ ما مصلحتهم في مواصلة ما بدأه جورج بوش، أي نشر الحروب في العالم؟
سؤال: كيف سيكون ردكم؟
السيد الرئيس: الشرق الأوسط هو برميل بارود، ويقترب النار منه اليوم. لا يجب الحديث فقط عن الرد السوري، بل عمّا سيحدث بعد الضربة الأولى. لا يمكن لأحد أن يعرف ما الذي سيحصل. سيفقد الجميع السيطرة على الوضع عندما ينفجر برميل البارود، وستنتشر الفوضى والتطرف. إن خطر الحرب الإقليمية موجود.
سؤال: هل الرد السوري سيستهدف إسرائيل؟
السيد الرئيس: لا أعتقد أنكم تنتظرون مني الكشف عن طبيعة ردنا.  
سؤال: ماذا تقولون للأردن التي يتدرب فيها المسلحون؟
السيد الرئيس: أعلنت الأردن أنها لن تكون قاعدة لانطلاق أية عملية عسكرية ضد سورية. ولكن إذا لم نتوصل إلى القضاء على الإرهاب عندنا، فإنه سينتقل بشكل طبيعي إلى الدول الأخرى.
سؤال: هل يعني ذلك أنكم تحذرون الأردن وتركيا؟
السيد الرئيس: نحن قلنا هذا الكلام عدة مرات، وأرسلنا لهم رسائل مباشرة وغير مباشرة. وأعتقد أن الأردن واع لهذا الموضوع رغم الضغوط التي يتعرض لها ليكون ممرا للإرهابيين. أما أردوغان فلا أعتقد على الإطلاق أنه يعي ما يفعل.
سؤال: كيف ستكون ردة فعل حلفائكم حزب الله وإيران؟
السيد الرئيس: الآن لا أريد أن أتحدث نيابة عنهم، ولكن تصريحاتهم كانت واضحة. لن يستطيع أحد أن يفصل مصالح سورية عن مصالح إيران وحزب الله. يعتمد استقرار المنطقة اليوم على الوضع في سورية.
سؤال: ماذا تقترحون لوقف حمام الدم في سورية؟
السيد الرئيس: في البداية، كان يجب التوصل إلى الحل عبر الحوار. الوضع اليوم مختلف جداً.  نحن نقاتل إرهابيين، و80 إلى 90 بالمئة من الذين نقاتلهم هم من تنظيم القاعدة.. وهؤلاء لا يهمهم الإصلاح ولا السياسة. إن الوسيلة الوحيدة للتعامل معهم هي تصفيتهم. عندها فقط يمكننا الحديث عن إجراءات سياسية. الحل اليوم هو وقف إدخال الإرهابيين من خارج سورية والتوقف عن دعمهم بالمال وبوسائل أخرى، وهذا ما تفعله السعودية بالدرجة الأولى وتركيا والأردن وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
سؤال: هل أنتم مستعدون لدعوة مسؤولي المعارضة للمجيء إلى سورية والاجتماع بهم وتقديم ضمانات لسلامتهم؟ وأن تقولون لهم: "لنجلس ونجد حلا".
السيد الرئيس: في كانون الثاني من هذا العام أطلقنا مبادرة تتضمن كل ما ذكرته للتو بل وأكثر من ذلك. لكن هذه المعارضة التي تتحدث عنها هي معارضة مصنوعة في الخارج، وليس لديها أية قاعدة شعبية في سورية. إنها صناعة فرنسية وقطرية ولكنها ليست صناعة سورية بالتأكيد. إنها تأتمر بأوامر من صنعها. ولم يكن مسموحا لأعضاء تلك المعارضة أن يستجيبوا لندائنا وللحلول السياسية  للخروج من الأزمة.
سؤال: كيف تفسرون تغير موقف فرنسا بعد أن كانت حليفتكم حتى نهاية العقد الماضي، وأصبحت اليوم حليفة للولايات المتحدة من أجل استخدام القوة ضد نظامكم؟
السيد الرئيس: إن علاقتي مع فرنسا في الماضي لم تكن علاقة صداقة. كانت محاولة فرنسية لتغيير توجه السياسة السورية بتكليف أمريكي. كان هذا الموضوع واضحا بالنسبة لنا، وبدأ اعتباراً من عام 2008 تحت تأثير قطر. لكي أكون واضحا، كانت السياسة الفرنسية تجاه سورية تابعة تماما لما تريده قطر وأمريكا.
سؤال: سيجتمع البرلمانيون الفرنسيون يوم الأربعاء 4 أيلول لمناقشة التدخل الفرنسي ضد سورية. ما هي الرسالة التي توجهونها لهم؟
السيد الرئيس: بعد غزو العراق عام 2003، قررت فرنسا ان تتخلى عن استقلاليتها وأصبحت تابعة للسياسة الأمريكية. هذا ينطبق على شيراك وعلى ساركوزي والآن على هولاند. السؤال هو معرفة فيما إذا كان اجتماع البرلمان الفرنسي سيعني عودة استقلالية القرار الفرنسي للفرنسيين. نتمنى أن يكون الجواب بالإيجاب. ليقرر النواب الفرنسيون حسب مصلحة فرنسا. أنا أسألهم:  هل بإمكانكم دعم التطرف والإرهاب؟ هل يمكنهم الوقوف إلى جانب أشخاص مثل محمد مراح الذي قتل الأبراء في فرنسا؟ كيف يمكن لفرنسا أن تحارب الإرهاب في مالي وتدعمه في سورية؟ هل ستكون فرنسا نموذجا لسياسة المعايير المزدوجة التي قامت الولايات المتحدة بتسويقها؟ كيف سيستطيع أعضاء البرلمان إقناع الشارع الفرنسي بأن دولتهم دولة علمانية وبنفس الوقت تدعم الطائفية في مكان آخر، دولة تدعو للديمقراطية لكن حليفها الأساسي دولة من العصور الوسطى كالسعودية؟
سؤال: هل أصبحت فرنسا دولة عدوة لسورية؟
السيد الرئيس: إن أي شخص يساهم في دعم وتمويل وتسليح الإرهابيين هو عدو للشعب السوري. إن أي شخص يعمل ضد مصالح سورية ومواطنيها هو عدو. الشعب الفرنسي ليس عدونا، ولكن سياسة دولته معادية للشعب السوري. باعتبار أن سياسة  الدولة الفرنسية معادية للشعب السوري، فإن هذه الدولة ستكون عدوة له. سينتهي هذا العداء عندما تُغير الدولة الفرنسية سياستها. بالطبع، ستكون هناك انعكاسات سلبية على مصالح فرنسا.
سؤال: إلى أية درجة أنتم مستعدون للقتال؟
السيد الرئيس: أمامنا خياران: القتال والدفاع عن بلدنا ضد الإرهاب أو الاستسلام. عندما يتعلق الأمر بمسألة وطنية، الجميع يقاتل، والجميع يضحي بنفسه من أجل الوطن. لا يوجد أي اختلاف بين الرئيس والمواطن.
سؤال: فقدتم السيطرة على أجزاء واسعة من الأراضي، كيف ستستعيدونها؟
 السيد الرئيس: المشكلة لدينا ليست بأن تكون الأرض تحت سيطرتنا. ليس أي هناك مكان أراد الجيش الدخول إليه إلا واستطاع دخوله. تكمن المشكلة الحقيقية في استمرار مرور الارهابيين عبر الحدود. كما تكمن المشكلة أيضاً في التغيير الذي استطاع الإرهابيون إدخاله على الصعيد الاجتماعي في المناطق التي دخلوا إليها.
سؤال: هناك عدد من الصحفيين الفرنسيين المحتجزين في سورية. هل لديكم معلومات عن وضعهم؟ وهل السلطة هي التي تحتجزهم؟

السيد الرئيس: إذا كانوا رهائن عند الإرهابيين يجب أن تسأل الإرهابيين عنهم. بالمقابل، إذا قامت الدولة بإلقاء القبض على أي شخص دخل بشكل غير نظامي، فسوف تحيله إلى القضاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق