افتتاحية صحيفة اللوموند 9 أيلول 2013
لن
تستطيع كل بلاغة وحجة وزير الخارجي الأمريكي إخفاء أمر أساسي في القضية السورية هو
المعارضة الكبيرة للرأي العام الأمريكي والأوروبي لقيام دولهم بعمل عسكري ضد نظام
بشار الأسد. إن هذا التغير المفاجىء للرأي العام بالمقارنة مع التدخلات السابقة
للحلفاء يُمثل عاملاً أساسياً في المعادلة السورية، ويُعقد كثيراً مهمة بعض القادة
الذين يؤيدون استخدام القوة الدولية.
إنها
أرقام مذهلة. أشار معهد الدراسات حول العلاقات عبر الأطلسية جيرمان مارشال German marshall Fund إلى تزايد المعارضة ضد التدخل المسلح في سورية داخل جميع الدول
التي شملتها الدراسة (الولايات المتحدة وعشر دول أوروبية) بالمقارنة مع عام 2012.
ارتفعت هذه المعارضة من 63 % إلى 75 % في ألمانيا، ومن 59 % إلى 70 % في بريطانيا،
ومن 50 % إلى 65 % في فرنسا، ومن 55 % إلى 62 % في الولايات المتحدة. فيما يتعلق
بتركيا، يعارض الرأي العام التدخل بأغلبية قدرها 72 %، على الرغم من أن رئيس
وزرائها رجب طيب أردوغان يدعو إلى إسقاط النظام السوري، وهذا ما يحرص المسؤولون
الأمريكيون والأوروبيون على تجنبه.
أظهر
استطلاع للرأي أجرته مؤسسة IFOP في فرنسا، ونشرته صحيفة الفيغارو يوم السبت 7 أيلول، تراجعاً
سريعاً خلال الأيام الأخيرة في دعم الهجوم المحتمل: كان 55 % من الفرنسيين يؤيدون
العمل العسكري الدولي في شهر آب، وأصبحت نسبتهم الآن 36 %. ما الذي حصل؟ هناك
بالتأكيد ظاهرة التعب في الدول الغربية التي تدخلت قواتها منذ عام 2011 في العديد
من النزاعات الغامضة وغير المرضية من حيث النتائج. هناك طبيعة المتمردين السوريين
وانقساماتهم ووجود الجهاديين بينهم وأساليبهم وأخطاءهم على الفيديوهات. هناك أيضاً
الحيرة تجاه تطورات ما بدأ عام 2011 باعتباره "ربيعاً عربياً".
وهناك بشكل خاص الفشل العراقي الذي انفجر ثمنه السياسي بعد عشر سنوات في وجه
الإدارة الأمريكية. دفع دافيد كاميرون الثمن باهظاً في البرلمان البريطاني بتاريخ
29 آب. كما يدفع فرانسوا هولاند الثمن على الرغم من أن فرنسا بقيت بعيدة عن
المغامرة العراقية.
إذا
كانت الحكومات المؤيدة للضربات العسكرية تريد النجاح، يجب عليها مضاعفة جهودها
لإقناع برلماناتها ومواطنيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق