صحيفة الليبراسيون 28 أيلول 2013 بقلم
مراسلتها الخاصة في الرقة هالة قضماني
إن
الضربة العسكرية الغربية التي كانت وشيكة ضد سورية، أدت إلى تسريع رحيلي لإعداد
هذا التحقيق المصور التي بدأ الإعداد له منذ بعض الوقت. نظراً لتزايد خطف الصحفيين
الغربيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة التمرد، كان يجب علي الذهاب ومشاهدة ما
يحصل دون أن يراني أحد. إنني سورية، وهذه تغطية جيدة: لست بحاجة لمترجم أو مساعد
أو شخص لإدخالي. قبل نزولي من سيارة الأجرة التركية التي أوصلتني إلى المركز
الحدودي في قرقميش، وضعت حجاباً يغطي رأسي وعنقي. مررت عبر مركز تفتيش جوازات
السفر، وعبرت الحدود مشياً على الأقدام مع مئات السوريين الذين يعبرون بالاتجاهين.
كان
أحد الأصدقاء الشباب الناشطين ينتظرني على الجانب السوري في جرابلس. كان يناديني:
"خالتي". مشينا بعض الخطوات حتى ركبنا في الميكروباص مع حوالي عشرة ركاب
آخرين. استغرق الطريق ثلاث ساعات للوصول إلى الرقة التي تنتشر حولها جميع أنواع
الحكايات المرعبة وتجاوزات الجهاديين الذين يسيطرون على المدينة. الغريب في الأمر
هو أنني لم أكن خائفة أمام الرجال الملثمين على الحاجز، إنه انطباع بأنني في فيلم
سينمائي. على الرغم من ثقتي بالصديق الذي استقبلني، لم أكشف له عن اسم العائلة
التي تستقبلني إلا في سيارة الأجرة التي أقلتنا من الكراج حتى منزل هذه العائلة.
إن
حفاوة أصدقائي المعجبين بزيارتي كانت مؤثرة. كان همهم الدائم الحفاظ على هويتي
خلال الأسبوع الذي قضيته معهم. قاموا بإخفاء جواز سفري الفرنسي في بيتهم، واحتفظت
في حقيبتي بجواز سفري السوري الذي انتهت صلاحيته منذ عام 1999. كان اسمي (أم زيد)
بالنسبة لكل الأشخص الذين إلتقيت بهم، وكنت صديقة دمشقية تزور هذه العائلة. إن
أكثر الأمور مشقة كانت العرق المتصبب تحت الحجاب أثناء المشي تحت الشمس مع درجة
الحرارة التي تبلغ 35 درجة مئوية. أما الغارة الجوية اليومية وإطلاق القذائف مساء
ورؤية الجهاديين أحياناً، فقد كانت أقل الأمور مشقة. لقد نسيت الحرب والأزمة
وانتظارهم اليائس بفضل وجبات الطعام مع العائلة والحوارات الحادة مع الشباب
والرجال والنساء، بالإضافة إلى غريزة الحياة وبشاشة أولئك الذين إلتقيتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق