الصفحات

الاثنين، ١٣ تشرين الأول ٢٠١٤

(سعد الحريري: "لبنان مخنوق تحت عبء اللاجئين السوريين")

صحيفة الفيغارو 13 تشرين الأول 2014 ـ مقابلة مع سعد الحريري الذي التقى مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الأربعاء 8 تشرين الأول 2014 ـ أجرى المقابلة رونو جيرار Renaud Girard

سؤال: بماذا تفكرون تجاه بروز الدولة الإسلامية في المشرق وبلاد الرافدين؟
سعد الحريري: إن ما يسمى بالدولة الإسلامية ليست دولة وليست إسلامية. إنها مجموعة إرهابية ترتكب أعمالاً وحشية وكريهة باسم ديننا. إن الأغلبية الساحقة للمسلمين معتدلة، ولكن ممثليها السياسيين يجب أن يحظوا بالمصداقية. على سبيل المثال، لم تحظ المعارضة السورية بدعم المجتمع الدولي عندما كانت ديموقراطية ومعتدلة بأغلبيتها، واقتصر الدعم على الكلام. إن المعتدلين في العالم العربي متوحدون ومصممون في مكافحتهم للإرهاب، ولكن يجب عليهم في الوقت نفسه مواجهة تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدولهم. قامت العشائر السنية في غرب العراق بقتال تنظيم القاعدة بين عامي 2007 و2010، وتمكنت من طرده. ولكن التدخل الإيراني عبر حكومة المالكي حرمهم من حقوقهم. جاءت الدولة الإسلامية لكي تستفيد من هذا الحرمان. إن الشعب السوري مُجبر اليوم أمام خيار مستحيل بين الدولة الإسلامية وبشار الأسد.
سؤال: ما هو الحل في المشرق؟
سعد الحريري: إن الضربات العسكرية للتحالف ضرورية، ولكنها غير كافية. على المدى الطويل، لا بد من دعم وتعزيز قوة المعتدلين، أي أولئك الذين يرفضون التعصب الديني، ويدعون إلى فصل السياسة عن الدين في شؤون الدولة، ويحترمون المبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان. إن بلدي لبنان هو نموذج للتسامح والعيش المشترك في المنطقة بأسرها. ولكن هذا النموذج أصبح مهدداً اليوم بسبب تدهور الوضع المؤسساتي والفراغ على رأس الدولة. نحن البلد الوحيد، في القوس الممتد من المغرب إلى الهند، الذي يقول دستوره أن الرئيس يجب أن يكون مسيحياً. ولكننا نحاول انتخاب رئيس للجمهورية منذ شهر أيار. نحن نبذل كل ما بوسعنا لإنهاء هذا الفراغ.
سؤال: ألا نشهد تدهوراً مستمراً للوضع الأمني في لبنان؟
سعد الحريري: نعم، الوضع يتفاقم. أولاً، تدخل حزب الله في الحرب السورية اعتباراً من عام 2012. إن هذا التدخل من قبل حزب ـ ميليشيا لبنانية في أرض خارجية حصل بدون طلب رأي اللبنانيين أو الدولة اللبنانية.  إنهم يدّعون الذهاب إلى سورية لمنع المجموعات الإرهابية السورية من دخول لبنان. ولكن هذه المجموعات نفسها تتذرع بتدخل حزب الله في سورية من أجل نقل المعركة إلى لبنان! من جهة أخرى، نحن نواجه تدفق 1.3 مليون لاجئ سوري. أي كما لو أن فرنسا استقبلت عشرين مليون لاجئ خلال ثلاث سنوات. لا يستطيع أي بلد مواجهة مثل هذه النسبة! لهذا السبب، إن المساعدة الدولية ضرورية لامتصاص نتائج هذه التدفق ودعم الجيش اللبناني في مكافحة المجموعات المتطرفة. من جهة أخرى، وضع ملك السعودية عبد الله مبلغ مليار دولار تحت تصرف الجيش وقوات الأمن اللبنانية للاستجابة للاحتياجات العاجلة في مكافحة الإرهاب. أنا أتشرف بأن أكون الشخص المكلف بتوزيع هذه الهبة.
سؤال: هل يُضاف ذلك إلى انخراط السعودية في إنجاز شراء الأسلحة الفرنسية من أجل لبنان بمبلغ ثلاثة مليارات دولار؟
سعد الحريري: بالتأكيد، ولكنه اتفاق بين فرنسا والسعودية، وأنا لست جزء منه. أعتقد أن الاتفاق يتابع مجراه، وأن الأمور ستنتهي قريباً.
سؤال: أنتم مقربون جداً من العائلة الحاكمة السعودية كما هو الحال بالنسبة لوالدكم. ولكن أليس تصدير الوهابية من قبل السعودية منذ ثلاثين عاماً هو السبب الأساسي في الراديكالية الإسلامية؟

سعد الحريري: هذا الكلام يُناقض الواقع. انظروا إلى دعم الرياض إلى الجنرال السيسي في مصر أو إلى الجيش اللبناني في مكافحته للمجموعات الإرهابية. إن الملك عبد الله حالياً هو على رأس المكافحة الثقافية والسياسية ضد التطرف الذي يدّعي الإسلام، ولا يمكن أن يكون هناك اليوم تحالف دولي ضد الدولة الإسلامية بدون دعمه ومشاركته. هذا ما يجب النظر إليه. إن النواة الصلبة والأساسية للدولة الإسلامية جاءت من بعض السجناء السابقين من تنظيم القاعدة الذي تم الإفراج عنهم عمداً من سجون نوري المالكي في العراق وبشار الأسد في سورية. اعتقد الاثنان أن خلق فزاعة إرهابية سيجعلهما ضروريان بنظر القوى العظمى. ولكنهما خلقا وحشاً أصبح من غير الممكن السيطرة عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق