الصفحات

الاثنين، ٧ تشرين الأول ٢٠١٣

(لينا أو سورية الحرة)

صحيفة الليبراسيون 5 تشرين الأول 2013 بقلم ماري داريوسيك Marie Darrieussecq

     يحق لي القول أنه ليس لدي رأي بخصوص التدخل أو عدم التدخل في سورية، ويبدو لي أن الأمر لم يعد مطروحاً اليوم. يتظاهر بشار الأسد بأنه يريد تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية، وهو لا يسعى إلى الكذب بشكل مقنع.
     بحثت عن لينا سنجاب التي قابلتها في أحد الأعياد بحي الروضة في دمشق بنهاية عام 2005. كانت تعمل حينها مراسلة لدى الـ BBC، وكانت تحت المراقبة كما هو الحال بالنسبة لجميع الصحفيين، ولكنها كانت تستطيع الحديث مع الأجانب بدون أن تخاطر بحياتها. إن سورية هي البلد الوحيد الذي شاهدت فيه عنصري أمن يجلسان في الصف الأول أمامي في إحدى محاضراتي. إنه نوع من الأنظمة الدكتاتورية التي يجب أن يشعر فيها الجميع بأنهم مراقبون شخصياً. تمكنت في زيارات أخرى من الشعور بالتوتر الناجم عن وجود سلاح خلف الرأس وبانعدام الأمان على الطرقات وبالتحرش الجنسي. ولكن سورية هي البلد الوحيد الذي شعرت فيه بخطر سياسي آني. كنا أنا ولينا نتحدث بصوت منخفض في ذلك العيد، إنه أمر مزعج جداً هذا الشعور بأن مجرد طرح سؤال يمكن أن يؤذي الشخص الذي يطرحه.
     عثرت على لينا بفضل صديق مشترك. إنها تعيش في لندن منذ ستة أشهر، كما أن بقية الدمشقيين الذين كنت أعرفهم هاجروا إلى تورنتو أو باريس. تقول لينا لي أن دمشق لم تعد دمشق. هناك شرطي لكل شخصين ـ هذا هو الرقم المتداول على الأقل ـ ، ولكن الأوساط التي كنت أختلط بها تتمتع برغد العيش نسبياً. تعتبر لينا أن الشيء الوحيد الذي استمر فعلاً في هذه المدينة هو حفلات الأعياد اليومية بين الأصدقاء والمشروب والضحك والغناء، بالإضافة إلى انتقاد الحكومة بهامش من الحرية لم يكن موجوداً من قبل، وانتقاد المعارضة، ومراقبة الدخان المتصاعد من الحرائق والقناصين من الجهتين أثناء حفلات المشوي في منزلها في مدينة جوبر التي كانت لينا تسكنها. كانت لينا تسمع وتشم رائحة قنابل الهاون، ولكن الترف الأخير الباقي كما تقول لينا هو أن تتمكن من العودة إلى منزلها وعودة الأمور إلى طبيعتها. تحولت جوبر اليوم إلى خطوط للجبهة.
     من الممكن سماع شهادة لينا على موقع الـ BBC. إنها تصف التصعيد التدريجي لشعارات المتظاهرين المؤيدين لبشار: "كانوا يهتفون في البداية: بشار نحن نحبك، ثم: بشار وبس، ثم: بشار أو نحرق البلد، ثم أصبحوا يقولون ببساطة: سنحرق البلد". كما تتحدث عن المظاهرات الخاطفة، عندما قامت أربع شابات برفع عباءاتهن بين الناس، وظهرن بفساتين العرس مكتوب عليها باللون الأحمر: "أوقفوا المجزرة، بيت واحد لجميع السوريين". عرفت بعد عدة أسابيع أنه تم القبض على هؤلاء الناشطات في سوق مدحت باشا. إن مجرد الدعوة إلى السلام هي سبب للتعرض للإعتقال.
     عندما حاولت لينا الخروج من سورية للمرة الأولى، تم اكتشافها وصودر جواز سفرها، ثم تمت إعادته لها بعد سنة. استطاعت في شهر نيسان الماضي مغادرة البلد بعد المرور عبر حواجز "القوات الخاصة" و"الفرقة الرابعة" و"الأمن السياسي" و"المخابرات الجوية" التي كانت تخشى منها كثيراً. نسمع لينا في شهادتها على الـ BBC وهي تقول: "الحمد لله" لحظة عبورها للحدود. إنها تشكر الله كما أفعل أنا مع إرثي المسيحي. إنها إمراة مسلمة تشرب النبيذ وتحب بحرية ولا ترتدي الحجاب. هل ستصبح سورية علمانية بهذا الشكل؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق