الصفحات

الأربعاء، ٢٠ تشرين الثاني ٢٠١٣

(النزاع السني ـ الشيعي يأخذ بعداً جديداً في لبنان)

صحيفة الليبراسيون 20 تشرين الثاني 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin ومراسلها في لبنان توما أبغرال Thomas Abgrall

     إن عملية التفجير المزدوجة ضد السفارة الإيرانية في بيروت يوم الثلاثاء 19 تشرين الثاني تشبه عملية التفجير التي ارتكبتها مجموعة جهادية شيعية بتاريخ 18 نيسان 1983 ضد السفارة الأمريكية في بيروت، وذهب ضحيتها 63 قتيلاً منهم ثمانية ضباط في وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA). إن السفارة الإيرانية ليست مجرد سفارة فقط، فهي تضم المركز الرئيسي لقوة القدس التابعة لحرس الثورة في هذه المنطقة. كما تقوم طهران وحزب الله بتنسيق نشاطاتهما في هذه السفارة.
     تبنى أحد مسؤولي كتائب عبد الله العزام مسؤولية التفجير ضد السفارة الإيرانية، وأعلن أنه يريد استهداف إيران بسبب انخراطها في سورية. إن هذه المجموعة موجودة في لبنان بشكل أساسي وهي مقربة جداً من تنظيم القاعدة. سبق أن أعلنت هذه المجموعة مسؤوليتها عن انفجار بعض القنابل الصغيرة التي استهدفت بعض مواكب حزب الله في سهل البقاع عام 2013، بالإضافة إلى إطلاقها بعض القذائف الصاروخية على إسرائيل. قال الباحث الفرنسي في المعهد الفرنسي للشرق الأوسط (IFPO) رومان كاييه Romain Caillet المختص بالحركات السلفية: "تريد هذه المجموعة أن تكون الذراع المسلح للسنة في لبنان، وسبق لها أن هددت حزب الله. ولكن لم يتم أخذها على محمل الجد حتى الآن".
     قال الباحث السياسي غسان العزي: "إن هذه العملية من صنع المجموعات الجهادية التي تشعر بالخيبة في الوقت التي ترتسم فيه للمرة الأولى ملامح تسوية لهذا النزاع مع مؤتمر جنيف. من المتوقع حصول عمليات تفجير أخرى من هذا النوع حتى يتم التوصل إلى اتفاق لتسوية هذا النزاع". تدل هذه العملية على أن المتمردين السوريين، الإسلاميين منهم على الأقل، يسعون إلى زعزعة استقرار لبنان، وذلك في الوقت الذي يسعى فيه حزب الله إلى إبعاد لبنان عن الدوامة السورية.

     يبقى أن حزب الله بدأ يدفع ثمناً باهظاً لانخراطه في سورية. على الصعيد البشري، خسر أكثر من خمسمائة مقاتل في هذا النزاع. على الصعيد الدبلوماسي، أصبح معزولاً من قبل الأنظمة العربية. على الصعيد السياسي، يزداد عدد العائلات الشيعية التي لا تريد رؤية أبناءها يموتون في سورية. كما أزالت عملية تفجير البارحة 19 تشرين الثاني أحد المحرمات المتمثل بأن حزب الله لا يُهزم، وأنه لا يمكن اختراق معاقله. بالمقابل، إن مثل هذه العملية على الرغم من فشلها الجزئي تدل على تزايد قوة المجموعات السنية الأكثر راديكالية. يبدو أن السعودية هي التي تقف وراء هذه المجموعات السنية على الرغم من عدم وجود دلائل تشير إلى وقوف الرياض وراءها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق