الصفحات

الثلاثاء، ٢٦ تشرين الثاني ٢٠١٣

(الرهان الخطر ولكن المحسوب لباراك أوباما)

صحيفة الفيغارو 25 تشرين الثاني 2013 بقلم مراسلتها في واشنطن لور ماندفيل Laure Mandeville

     أشار الكاتب دافيد إغناطيوس David Ignatius في مقال نشرته الواشنطن بوست يوم الأحد 24 تشرين الثاني إلى أن باراك أوباما وجد نفسه في "ضباب السلام" بعد التوقيع على اتفاق جنيف حول الملف النووي الإيراني، وأضاف أن "المفاوضين ليسوا متأكدين من نتائج ما قاموا به". لا أحد يعرف ما الذي يفكر به الرئيس روحاني عند التوقيع على هذا الاتفاق "المؤقت" الذي يجمد أو يكبح لمدة ستة أشهر المسيرة الإيرانية الجهنمية نحو امتلاك القنبلة، مقابل رفع طفيف ولكن يمكن العودة عنه بسهولة لبعض العقوبات التي تخنق الاقتصاد الإيراني. كما أنه من الصعب جداً معرفة ما الذي ستطالب به الدول الغربية فعلاً في نهاية المطاف، أي باختصار معرفة ما هو تعريفهم لعتبة التسامح بخصوص الطاقة النووية.
     قال أوباما: "إن الفكرة هي شراء الوقت والمكان من أجل مفاوضات لاحقة". تأمل الولايات المتحدة الاستفادة من إعادة الثقة الناجمة عن هذا الاتفاق من أجل الانتقال إلى مرحلة أكثر تشدداً لتفكيك الإمكانيات النووية العسكرية في إيران. ولكنه رهان خطر، وما زال الجميع يتذكر بألم اتفاق عام 2003 الذي أشادت به الدول الغربية آنذاك باعتباره اتفاقاً تاريخياً حول الملف النووي الإيراني، ثم اكتشفت بعد عدة سنوات أن إيران انتهكت جميع تعهداتها. حذر المفاوض السابق كريستوفر هيل Christopher Hill في مقال نشرته النيويورك تايمز قائلاً: "الحقيقة هي أنه يمكن العودة عن كل شيء مع مرور الوقت". تُحذر إسرائيل والسعودية وبعض النواب الأمريكيين من اتفاق يمكن أن يتحول إلى مأسسة للوضع القائم بشكل يحافظ على قدرة إيران بتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة خلال شهر تقريباً. إنهم يعتبرون أن المثال الواجب اتخاذه كمنوذج هو المثال الليبي الذي تخلى عن جميع قدراته وليس الكوري الشمالي عندما وقع جورج بوش على اتفاق مع كوريا الشمالية ثم دخل هذا الاتفاق في غياهب التاريخ.
     أشار دافيد سنجر David Sanger في مقال نشرته النيويورك تايمز إلى أن إدارة أوباما لا تعتقد بإمكانية "التدمير" الكامل للقدرة النووية العسكرية في إيران "لا عن طريق القنابل ولا عن طريق الاتفاقيات" وأضاف قائلاً: "لقد فات الأوان للقيام بذلك". إن ما تأمله واشنطن أكثر تواضعاً، وهو منع طهران من انتاج القنبلة النووية. إن الرهان المحسوب لأوباما هو الاستفادة من وسيلة العقوبات التي فرضها مع حلفائه ـ والتي ما زالت على حالها تقريباً ـ من أجل احتواء القدرة النووية الإيرانية عند عتبة مقبولة، وذلك عن طريق آليات "التحقق" الممنهجة. يأمل أوباما بمجيء اليوم الذي سيتغير فيه النظام وحصول مصالحة حقيقية فارسية ـ أمريكية قادرة على تغيير المعادلة بشكل أكثر راديكالية. تتعارض هذه المقاربة بشكل راديكالي مع النظرة المتشددة لحلفائه الإسرائيليين والسعوديين. ولكن يبدو بوضوح أنه الخطر الآخر الذي يستعد أوباما للمجازفة به."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق