الصفحات

الجمعة، ٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٣

(النزاع مع إيران ما زال قائماً بعد جنيف)

صحيفة الفيغارو 28 تشرين الثاني 2013 بقلم بيير روسلان Pierre Rousselin

     لم يكن ممكناً التوصل إلى الاتفاق المؤقت في جنيف مع إيران لو لم يقتصر على الملف النووي. ولكن الأمر الأساسي هو الدور الذي ستلعبه الجمهورية الإسلامية داخل التوازن الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط. لقد نجح رجال الدين الإيرانيين منذ أكثر من عشر سنوات في إخافة المجتمع الدولي، وإعطاء نظامهم الراديكالي مكانة غير مسبوقة في المنطقة.
     نجحت الإستراتيجية الإيرانية حتى اليوم الذي بدأ فيه ظهور التأثير المُدمر للعقوبات الغربية على الاقتصاد الإيراني، وأصبح يهدد استقرار النظام. كان انتخاب الرئيس الإصلاحي حسن روحاني هو النتيجة الأولى للحظر، ثم تبعها الانفتاح الإيراني باتجاه الولايات المتحدة، وأخيراً التوصل إلى اتفاق جنيف. لم تعد الراديكالية تخدم مصالح النظام الإيراني، فقام بتغيير أسلوبه مُتبنياً الاعتدال. إذا كان الهدف الفوري هو تخفيف الحصار، فإنه لا شيء يسمح بالقول أن الأهداف الأساسية للجمهورية الإسلامية قد تغيرت.
     نجحت طهران في الوصول إلى غاياتها حتى الآن وبفعالية مخيفة. لقد استفادت من الحرب الغبية التي شنتها الولايات المتحدة في عهد جورج بوش الابن على العراق، وتخلصت من عدوها الرئيسي صدام حسين، وأقامت حكومة شيعية إسلامية برئاسة حليفها نوري المالكي. وفي لبنان، سيطر حزب الله على جميع وسائل السلطة في لبنان. وفي سورية، تدخلت الميليشيا الشيعية اللبنانية وحرس الثورة الإيراني لإنقاذ نظام بشار الأسد عندما كان مهدداً جداً.
     إن الرغبة بتصدير الثورة الإيرانية واضحة جداً، وهي جزء من البرنامج الأولي للإمام الخميني. إن التحول الشكلي في طهران ليس إلا تغييراً تكتيكياً. أدى اتفاق جنيف مع طهران إلى نتيجة مشابهة للاتفاق المبرم حول سورية بفضل الوساطة الروسية لتفكيك الأسلحة الكيميائية السورية. كما هو الحال بالنسبة لبشار الأسد في سورية، تحول النظام الإيراني بين ليلة وضحاها من دولة منبوذة في المجتمع الدولي إلى شريك شرعي.
     سيقال لنا أنه خبر سار، بالتأكيد! ولكن بشرط أن تدرك إيران بأن البرنامج النووي ليس السبب الوحيد للريبة منها. يجب أن نكون متأكدين بأن هذه الرسالة لن تكون مفهومة إذا لم تتم صياغتها بوضوح، وهذا غير متوفر حالياً، ولا أحد يقوم بطرح السؤال في جو الرضى الذاتي السائد. إن الإسرائيليين والسعوديين على حق في الشعور بالقلق. إذا وافقنا على أنه تم الحصول على ضمانات حقيقية حول الملف النووي الإيراني، فإن تصرفات حزب الله ستبقى دوماً مصدراً للقلق بالنسبة لإسرائيل. عشية اتفاق جنيف، شعر رئيس الميليشيا الشيعية اللبنانية حسن نصر الله بالحاجة للظهور علناً مرتين متتاليتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك لكي يقول في المرة الأولى بصوت عالي أن ميليشياته ستبقى في سورية الوقت اللازم، ولكي يدين في المرة الثانية السعودية التي تدعم المتمردين السوريين.

     سيقول تطور الملف السوري فيما إذا كان الاتفاق مع إيران خدعة أم لا. بانتظار أن تتخلى طهران عن دمشق، إن الوضع الحالي يحث القوى الإقليمية على العمل من أجل حماية مصالحها بدون العودة إلى الحليف الأمريكي. هذا هو الحال بالنسبة لإسرائيل مع حزب الله في لبنان. فيما يتعلق بالسعودية، من المحتمل قيامها بتوثيق علاقاتها مع فرنسا على الصعيد العسكري، ومضاعفة جهودها للحصول على رحيل بشار الأسد، ومعارضة أهداف إيران الشيعية في المنطقة بقوة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق