الصفحات

الجمعة، ٦ حزيران ٢٠١٤

(إعادة انتخاب بشار الأسد، الحرب مستمرة)

صحيفة الفيغارو 6 حزيران 2014 بقلم مراسلها الخاص في بيروت جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     انتخب السوريون بشار الأسد بأعداد كبيرة في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، ولكن ليس كما كان يتوقع البعض. حصل الرئيس السوري على 88 % من الأصوات، وهي أقل مما حصل عليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكان العديد من سكان دمشق ينتظرون نسبة تضاهي حليفهم في كوريا الشمالية. وصلت نسبة المشاركة الرسمية إلى 75 %، تمكن 60 % فقط من أصل خمسة عشر مليون ناخب من التصويت خلال هذه الانتخابات التي وصفتها الدول الغربية بـ "المهزلة"، ووصفتها المعارضة بـ "غير الشرعية". فيما يتعلق ببقية السكان، يسكن بعضهم في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين، ولجأ بعضهم الآخر إلى دول أخرى.
     قال السفير السوري السابق في لندن سامي الخيمي الذي يعيش في بيروت كنصف منشق: "أحس السوريون بتغير اتجاه الرياح"، واعتبر أن المشاركة المرتفعة في الانتخابات حتى لو تمت زيادتها يمكن تفسيرها بعدة عوامل: الأول هو الانتصارات العسكرية الأخيرة للجيش النظامي على الأرض تجاه المتمردين، وقال: "لا أحد يعتقد بعد اليوم بأن النظام سيسقط غداً. أصبح السوريون واقعيين". كما أشار إلى أن سبب هذه المشاركة الواسعة يعود إلى أن الكثير من المواطنين "صوتوا من أجل الحفاظ على الدولة" أكثر من تصويتهم من أجل بشار الأسد. في الحقيقة، يخشى الكثير من السوريين الفوضى الناجمة عن السقوط المفاجىء للنظام، ولا أحد يريد ذلك بعد ثلاث سنوات من القمع الدامي والدمار الشامل ومئة وستين ألف قتيل.
     هل حصلت ضغوط كبيرة كما يؤكد المعارضون في الخارج؟ إنه أمر غير مؤكد. لا شك أنه طُلِبَ من موظفي الدولة المشاركة في التصويت، ولكن يبدو أنه من غير الممكن ممارسة الضغوط على ملايين الناخبين الآخرين. اعترف أحد الصناعيين الدمشقيين يوم الخميس 5 حزيران بشكل براغماتي كما هي العادة لدى تجار دمشق قائلاً: "قمت بالتصويت لصالح الأسد دون أية أوهام، ولكنني فعلت ذلك لأنني كنت خائفاً إذا اكتشف النظام عدم قيامي بالتصويت، فلن أتمكن من متابعة أعمالي التجارية. على أي حال، أنا أفضل الشيطان الذي أعرفه على الشيطان الذي لا أعرفه".
     مهما كانت حقيقة الضغوط، يؤكد هذا الخوف السائد أن السكان ما زالوا ينظرون إلى النظام كخطر قائم. أشار سامي الخيمي إلى سبب آخر لتفسير هذه المشاركة الواسعة قائلاً: "إنها إشارة أخرى على أنه ليس ضعيفاً كما يُقال في الخارج. لم يعد هناك أحد تقريباً يصدق المعارضة. من سيذهب من أجل التصويت لصالح جهاديي الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة أو لصالح سلفيي الجبهة الإسلامية؟".

     هناك صورة تدل على الاهتمام بالحفاظ على سورية بغض النظر عن رئيسها: عندما تم الإعلان عن نتائج الانتخابات يوم الأربعاء 4 حزيران، نزل آلاف الدمشقيين ولاسيما الشباب منهم إلى الشوارع بسياراتهم من أجل الاحتفال بهذا الانتصار بصوت عالي. ولكن لم ينزل أي شخص إلى الشارع الكبير في حي المزة بالقرب من القصر الجمهوري، ولم يكن هناك أية صورة تقريباً لبشار الأسد، وانتشرت الأعلام السورية فقط. قُتِلَ ثلاثة أشخاص في هذه الاحتفالات التي استهجنها بشار الأسد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق