الصفحات

الخميس، ٥ حزيران ٢٠١٤

(إعادة انتخاب بشار الأسد رئيساً لبلد الأشباح)

صحيفة الليبراسيون 5 حزيران 2014 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     حتى ولو تم انتخاب بشار الأسد مع 88.7 % من الأصوات، فإن السوريين انتخبوا يوم الثلاثاء 3 حزيران رئيس دولة وهمية. ما زالت هناك أجزاء كبيرة من الأراضي السورية خارجة عن سيطرته على الرغم من الانتصارات العسكرية الأخيرة. فيما يتعلق بالأراضي التي يُسيطر عليها (حوالي 40 % من سورية)، لم يعد جيشه هو الذي يسيطر حقاً على الوضع بسبب الخسائر الكبيرة التي تعرض لها، فقد أشارت منظمة الصليب الأحمر إلى مقتل 37685 جندي و23485 عنصر من الميليشيات. وهكذا أصبحت الميليشيات الأجنبية المتحالفة مع النظام تظهر كأنها القوات المهيمنة داخل القوات النظامية، ومنها حزب الله وعصائب أهل الحق من الشيعة العراقيين بالإضافة إلى العديد من المستشارين الإيرانيين. بالتأكيد، تمكن الرئيس من استعادة العديد من المدن، ولكنها أصبحت مدمرة وخالية من سكانها كما هو الحال في مدينة حمص "عاصمة الثورة"، ولا نرى كيف يمكن تنظيم الانتخابات فيها. وحتى التصويت في العاصمة دمشق جرى تحت نيران قذائف الهاون من قبل المتمردين، فقد أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى إطلاق مئة وثلاثين قذيفة يوم الثلاثاء 3 حزيران.
     إن بشار الأسد هو رئيس وهمي، ولاسيما أن جزءاً كبيراً من السكان لا يسكنون مناطقهم التي كانوا يعيشون فيها. أشار وزير الخارجية لوران فابيوس إلى أن هذه الانتخابات ليست إلا كوميديا  أو "مهزلة"، وأن المرشح بشار الأسد لم يكن لديه أي برنامج سياسي. لهذا السبب، أراد الدكتاتور أن تكون هذه الانتخابات امتداداً وتكريساً لانتصاراته العسكرية. قال الباحث السياسي خطار أبو دياب: "إنه سيستخدم هذه الانتخابات للحصول على دفعة جديدة. على الصعيد الداخلي، ستسمح له بإعطاء الانطباع إلى الطائفة العلوية التي يمثلها وإلى بقية الأقليات المسيحية والدرزية والاسماعيلية والشيعية... بأنه يتمتع بالشرعية، ولا يمكن الاستغناء عنه. على الصعيد الخارجي، أراد أن يفعل الشيء نفسه مع حليفيه الروسي والإيراني". أشار المعارض ميشيل كيلو إلى أن هذه الانتخابات تسمح للأسد بأن يقول: "يجب أن تنسوا الحل السياسي الدولي. أنا الذي خرجت منتصراً، وأنا الذي أقرر. لقد خسرتم".
     لا شك أن روسيا وإيران ستغتنمان هذا النجاح الانتخابي، حتى لو كان وهمياً، لكي تحاولان الخروج من المأزق الحالي وفرض عملية سياسية على الرئيس السوري بشكل تؤدي إلى توسيع حكومته وإعطاء الانطباع بالانفتاح على المجتمع الدولي. اعتبر خطار أبو دياب أن هذا "التقاسم" للسلطة يجب أن يحصل بمساعدة بعض المعارضين المقبولين من قبل النظام، وبعضهم معارضين وهميين، سواء كانوا يعيشون داخل سورية مثل المرشحين اللذين ترشحا ضده في الانتخابات الرئاسية أو خارج سورية. الهدف من هذه المناورة هو إجراء جولة جديدة من المفاوضات في جنيف أو أي مكان آخر بشكل يسمح للدكتاتور بالظهور كرجل حوار، ويُظهر المتمردين كأناس يرفضون أية تسوية.

     ولكن الانتخابات لن تُغيّر أي شيء على الأرض. سيستمر النزاع ما دام منطق الرعب يسيطر على الطرفين، وهذا ما أظهرته قذائف المتمردين على دمشق في يوم الانتخابات، واستمرار قصف المناطق غير الخاضعة. قصفت القوات النظامية مدينة داريا بعنف يوم الثلاثاء 3 حزيران عبر براميل المتفجرات. ينتظر المراقبون أن يقوم الجيش قريباً بشن هجوم واسع على مدينة حلب التي ما زالت خارجة عن سلطته إلى حد كبير، وأن يقول في الوقت نفسه أن انتصاراته هي بداية الحل لهذه الحرب. قال بيتر هارلنغ Peter Harling مدير برنامج مصر ـ سورية ـ لبنان في مجموعة الأزمات الدولية أثناء زيارته إلى باريس: "في بداية النزاع، كان النظام يراهن على إنكار الأزمة، ثم على الحنين إلى الماضي. من الآن فصاعداً، أصبح يراهن على رغبة السوريين بالعودة إلى حياة طبيعية مهما كان الثمن. بالتأكيد، لم يعد يملك الوسائل لتوفير أي نوع من الحياة الطبيعية في بلد حوّله النزاع إلى أنقاض. على الرغم من ذلك، إنه بحاجة إلى عدو لقتاله وإلى نزاع لكي يستمد منه الشكل الوحيد للشرعية الباقية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق