الصفحات

الخميس، ١٢ حزيران ٢٠١٤

("جهادستان"، الدولة الإسلامية الجديدة في الشرق الأوسط)

 افتتاحية صحيفة اللوموند 12 حزيران 2014

     ظهر "بلد" جديد في العالم العربي بفعل ضربات الغارات الدامية والتفجيرات: لنطلق عليه اسم "جهادستان". يمتد هذا البلد على جانبي الحدود السورية ـ العراقية من شمال وشرق وسورية حتى شمال وغرب العراق. إنه حدث ذو آثار هامة ليس على المنطقة فقط بل وأوروبا أيضاً. استفادت المجموعة الجهادية الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بقيادة أبو بكر البغدادي من ضعف وتفتت الدولتين القويتين في هذه المنطقة، وتواصل توسيع منطقة نفوذها. لم يسبق إطلاقاً لتنظيم القاعدة بقيادة حركة الطالبان في نهاية سنوات التسعينيات أن سيطر على مثل هذه المساحة من الأراضي.
     تفوقت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام على تنظيم القاعدة من حيث السلاح والتمويل. يدعو الاثنان إلى العقيدة السنية المتطرفة نفسها وإلى العنف نفسه، وتستطيع الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام أن تغير خارطة المنطقة بشكل دائم عبر اقتطاع جزء من المناطق النفطية في سورية والعراق. لا يمكن أن تبقى أوروبا غير مبالية: تجذب الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مئات وربما آلاف الشباب المسلمين في أوروبا الذين جاؤوا للقتال في صفوفها ولاسيما في سورية.
     تمكنت أرتال البغدادي خلال الأيام الأربعة الأخيرة من الاستيلاء على الموصل، عاصمة شمال العراق، وسيطرت على منطقة نيفين بأكملها، وتمركزت في الفلوجة وتكريت والسامراء. باختصار، تسيطر الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام على كامل المنطقة السنية العراقية تقريباً، كما سيطرت على جزء كبير من المنطقة الشرقية في سورية بشكل يؤمن لها استمرارية أرضية مع معقلها العراقي. وهكذا بدأت تتجذر دولة صغيرة قادرة على جبي الضرائب وابتزاز الأموال ونهب النفط وتهريبه. إن هدف البغدادي هو إعادة بناء قاعدة جهادية كما كان عليه الحال في أفغانستان بالنسبة لتنظيم القاعدة.
     يسمح النظام السوري بحصول ذلك لأسباب تكتيكية، والنظام العراقي غير قادر على إيقاف الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. تمارس حكومة نوري المالكي في بغداد سياسة طائفية محابية للشيعة، الأمر الذي أثار عداء الأقلية العربية السنية العراقية ضده. ما هي الحصيلة؟ إنها فوضى استراتيجية مذهلة يصعب فهمها. تقوم القبائل السنية العراقية بدعم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام لأن بغداد تقتلهم. كما أن نوري المالكي يتحالف مع بشار الأسد، ويرسل الميليشيات الشيعية العراقية للقتال في سورية.

     تتواجد الولايات المتحدة على الجانبين: في سورية، إنها تدعم التمرد ـ قليلاً ـ ضد نظام الأسد؛ وفي العراق، إنها تدعم المالكي ـ قليلاً ـ ضد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. ما زالت روسيا مخلصة لتحالفها مع إيران وسورية. وتنظر أوروبا باتجاه آخر. قامت الولايات المتحدة بغزو العراق عام 2003 باسم محاربة الإرهاب، ولكن الجهادية انتصرت في العراق بعد أحد عشر عاماً على أنقاض هذا الغزو الجنوني! إنها مأساة لا نهاية لها بالنسبة للعراقيين والسوريين، وتهديد مستقبلي بالنسبة للأوروبيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق