صحيفة
اللوموند 5 تموز 2013 بقلم كريستوف عياد Christophe
Ayad
هل
جاء دور "الصيف الدكتاتوري"
بعد "الربيع العربي" و"الخريف
الإسلامي"؟ لا شك أن "انقلاب
الدولة الديموقراطي" الذي قام به الجيش المصري ضد محمد
مرسي سيؤثر على الشرق الأوسط والتحولات الثورية الجارية، لأن مصر تُمثل نموذجاً
بسبب وزنها الديموغرافي و"دورها المركزي"
وقربها من إسرائيل. إن المصير التي تعرض له محمد مرسي يُمثل أولاً فشلاً خطيراً
للإسلام السياسي. حقق الإسلاميون انتصارات كبيرة في الانتخابات الأولى التي كانت
ديموقراطية بالفعل بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية، وذلك باستثناء ليبيا التي انتصر
فيه الليبراليون والقبائل على الإخوان المسلمين. بالنسبة لسورية التي تحولت فيها
الثورة إلى حرب أهلية دامية، يُهيمن الإخوان المسلمون على الهيئات التمثيلية
للمعارضة مثل المجلس الوطني السوري، ثم الإئتلاف.
إن
عجز الإسلاميين عن إدارة الأوضاع الاقتصادية الكارثية، ورغبتهم بالحكم بدون منازع،
وعقدتهم النفسية بأنهم محاصرون، وبرنامجهم الطائفي، أبعدهم عن المجتمع والقوى
الليبرالية والثورية بأسرع مما كان متوقعاً. وذلك إلى درجة أن المصريين فضّلوا
تسليم أمرهم إلى الجيش بدلاً من انتظار تغيير الأمور عبر صناديق الاقتراع. إنه
رهان خطير لأنه ينزع المصداقية عن الممارسة الديموقراطية، كما فعل الإخوان
المسلمون في مصر عندما لجؤوا إلى السلطات الاستثنائية من أجل فرض دستور مليء
بالغموض.
هل
يمكن أن ينتشر النموذج المصري إلى تونس التي يشعر فيها السكان بالغضب من ارتفاع
الأسعار والبطالة والنقاشات الطويلة التي لا تنتهي حول مشروع الدستور؟ ليس من عادة
الجيش التونسي التدخل في الحياة السياسية كما هو الحال بالنسبة للجيش المصري، على
الرغم من عدم تراجع شعبية رئيس أركانه السابق رشيد عمار.
يأتي
هذا الفشل بالنسبة للإخوان المسلمين في الوقت الذي تجري فيه عملية نقل السلطة في
قطر التي تقوم بتمويلهم، ومن المفترض أن يؤدي نقل السلطة في قطر إلى تراجع
دبلوماسي نسبي ودعم أقل إلى الأنظمة التي أصبحت أقل شعبية بكثير. كما أدى الاحتجاج
الداخلي في تركيا إلى إضعاف رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان الذي لم يعد بإمكانه
تقديم نفسه كنموذج لنجاح الإسلام السياسي.
بالمقابل، بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد
الذي تدهورت علاقته مع محمد مرسي بعد قيام الأخير مؤخراً بقطع العلاقات
الدبلوماسية مع سورية، فلا يمكنه إلا أن يكون مسروراً بسقوط نظيره المصري. قال الرئيس
السوري في بيان رسمي: "سيسقط في أي مكان بالعالم كل من
يستخدم الدين في المجال السياسي لتشجيع مجموعة على حساب مجموعة أخرى. إن ملخص ما
حصل في مصر هو سقوط ما يدعى بالإسلام السياسي". يدعو هذا
البيان إلى السخرية والفضيحة، ولاسيما من قبل رجل لم يتوقف عن إذكاء الحقد الطائفي
في بلده من أجل تحويل ثورة سلمية وتعددية إلى حرب عصابات إسلامية. إذا كان بشار
الأسد وحليفه الروسي والحالمون بالنظام القديم في مصر، لا يريدون رؤية أن تدخل
الجيش في القاهرة إلا كإصلاح لسلطة استبدادية، فإنهم مخطئون. إن الدرس الآخر
للتطورات الأخيرة في مصر هو قوة الحركة الثورية في مصر وغيرها، ويجب على الجيش
المصري ألا ينس أن السلاح الأفضل للثوار هو الشارع. كما أنه من المرفوض العودة إلى
عصر الاعتقالات الجماعية ضد الإسلاميين والانتخابات المزورة. إن الطريق ضيق جداً
بالنسبة للقادة الجدد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق