الصفحات

الثلاثاء، ٢٣ تموز ٢٠١٣

(أوروبا ما زالت مترددة إزاء الانخراط في سورية)

صحيفة اللوموند 23 تموز 2013 بقلم إيف ميشيل ريولز Yves-Michel Riols

     انعقد اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الجديد للإئتلاف الوطني السوري أحمد العاصي الجربا إلى باريس يوم الثلاثاء 23 تموز، وسيلتقي مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الأربعاء 24 تموز. إن تزامن هذين الحدثين ليس صدفة، وهو يعني بالنسبة لفرنسا إظهار دعمها السياسي للمعارضة السورية، مع الإلتزام بحذر كبير فيما يتعلق بشكل هذا الدعم.
     ما زالت الدول الأوروبية منقسمة وتعارض بوضوح أي شكل من أشكال المساعدة العسكرية للمتمردين. بالإضافة إلى ذلك، إن فرنسا وبريطانيا اللتين كانتا وراء رفع الحظر عن الأسلحة  بتاريخ 27 أيار، مُتحفظتان جداً. قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بتاريخ 18 تموز: "لدينا هذه الإمكانية، ولكننا لن نرسل أسلحة قاتلة. هذا هو موقفنا". يعني ذلك أن نداءات المساعدة التي أطلقها أحمد عاصي الجربا ستبقى بدون جواب.
     حصل تغير واضح في النقاشات حول سورية منذ عدة أسابيع. إن رفع الحظر الأوروبي عن الأسلحة، ثم المعلومات التي كشفت عنها فرنسا بتاريخ 4 حزيران حول استخدام نظام دمشق للأسلحة الكيميائية، كان هدفه زيادة الضغط على بشار الأسد من أجل دفعه للدخول في العملية السياسية. ولكن التحرك الواسع للحليفين الإيراني والروسي سمح للنظام بتحقيق بعض التقدم.
     يتصف الهجوم الذي يشنه النظام على مدينة حمص بالوحشية. قال أحد الدبلوماسيين: "الوضع مُرعب. تتعرض المدينة للتدمير الكامل بوابل من القنابل. حمص هي غروزني"، في إشارة إلى العاصمة الشيشانية التي دمرها القصف الروسي خلال التسعينيات.
     يتبنى الحلفاء الغربيون للمعارضة لهجة أقل هجومية، في الوقت الذي لم يعد يراهن فيه أحد على الدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 على المدى القصير. إن تصريحات رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون يوم الأحد 21 تموز تُعبّر عن هذا التغيير في اللهجة، فقد أكد في لقاء مع الـ BBC أن التطورات على الأرض لا تسمح بالتنبؤ بحل سريع للنزاع، وقال: "أعتقد أن بشار الأسد ربما أصبح أكثر قوة مما كان عليه الوضع قبل عدة أشهر. أنا أصف الوضع بأنه في طريق مسدود". 
    تراجع خيار الانخراط العسكري إلى جانب المتمردين كثيراً بسبب تفاقم النزاع وانقسامات المعارضة وشكوك الرأي العام الغربي. قال أحد المحللين الميدانيين: "لن يكون هناك حل عسكري. سيُقاتل الأسد حتى النهاية، ويمكن أن تستمر هذه الحرب عدة سنوات أخرى". أشار مستشارو لوران فابيوس إلى أنه ما دامت المعارضة غير قادرة على تقديم الضمانات الضرورية المتعلقة بمعرفة الجهة التي ستصل إليها الأسلحة، لن يكون هناك انخراط عسكري جدي إلى جانبها. وأكد دبلوماسي رفيع المستوى قائلاً: "لا نريد تكرار الأخطاء المرتكبة في ليبيا، عندما انتشرت الأسلحة المُرسلة في الصحراء الإفريقية (الساحل)، وتم استخدامها ضدنا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق