الصفحات

الخميس، ١١ تموز ٢٠١٣

(المسيحيون في سورية: مُقتنيات أثرية؟)

مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 11 تموز 2013 بقلم الراهب اليسوعي الإيطالي باولو دالوغليو Paolo Dall’oglio

     يسألونني دائماً لماذا يجب أن يبقى المسيحيون في سورية. يجب طرح السؤال على الشكل التالي:  هل سيبقى المسيحيون في سورية؟ إن المسيحيين في سورية من سكان البلاد الأصليين، وشاركوا في بناء حضارة مدهشة ومُبدعة. لقد عرفوا كيف يعيشون مع اليهود داخل دولة إسلامية. كانوا شركاء فعالين ومُتحمسين. إن حسن الجوار بين أبناء إبراهيم يحمل أبعاداً دينية واجتماعية. ثم تراجعت المسيحية السورية تدريجياً وانكمشت على نفسها.
     تُهدد الأزمة الحالية بالإبقاء فقط على بعض الآثار المسيحية باعتبارها مُقتنيات تاريخية. بشكل عام، لم يستطع المسيحيون المشاركة بأعداد كبيرة في الثورة مثل مواطنيهم السنة. نشكر الله على أنهم لم يقفوا جميعهم صفاً واحداً مع العلويين إلى جانب النظام وقمعه الرهيب. هاجر بعض المسيحيين الذين لديهم أقارب في الخارج، وبقي الأكثر فقراً منهم في سورية مُعرضاً للأخطار مثل البقية. ولكن تسلل واختراق المجموعات المتطرفة السنية الراديكالية السرية (وهي المجموعات نفسها التي أرسلها نظام الأسد إلى العراق بعد عام 2003) لصفوف الثورة تسبب بوقوع عمليات تفجير ضد المسيحيين بشكل واضح، كما حصل في العراق، وأشاعت الرعب الذي لا يمكن مواجهته بفعالية عبر البيانات والمبادىء الكبيرة للثورة.
     أصبح السؤال: هل يستطيع المسيحيون البقاء؟ يعتمد ذلك بشكل مباشر على قدرة الثورة في ضمان أمن الجميع. لقد عانى الجميع من القصف، ولكن عمليات الاغتيال المُتعمدة ضد المسيحيين تُشيع الخوف، ولذلك غادروا سورية. ما زال بعض المسيحيين يعيشون بأمان لدى الأكراد في شمال شرق سورية، وأصبحوا أول المقتنيات التاريخية كما هو الحال في العراق. يتقاسم المسيحيون في غرب سورية المصير نفسه مع العلويين بشكل أو بأخر. ولكن إذا استمرت المجازر ضد السنة في غرب سورية، فإن المسيحيين مهددون باعتبارهم مثل مؤيدي النظام العلويين، وبالتالي سيتعرضون للانتقام أيضاً.  فيما يتعلق ببقية أنحاء سورية، فإنها تعيش في حالة مضطربة بانتظار سقوط دمشق وحلب.
     يختلط القلق بالأمل. إذا تدخل أصدقاء سورية بسرعة، وإذا حصل الديموقراطيون ـ أغلبهم من المسلمين السنة ـ على المساعدة الضرورية، فمن الممكن أن يُقرر المسيحيون البقاء من أجل إعادة بناء الوطن ضمن حرية مشتركة. بالمقابل، إن تأخر الجميع وفقدان البصيرة سيؤدي إلى انقراض طائفة أسسها حواريو المسيح قبل ألفي عام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق