صحيفة الفيغارو
9 تموز 2013 بقلم أدريان جولمز Adrien Jaulmes
هزّت
الثورة المصرية الثانية (التي تُشبه أحداثها الثورة المصرية الأولى) الشرق الأوسط،
وذلك كما حصل بعد سقوط مبارك عام 2011. أدى السقوط السريع لمحمد مرسي وحكومة
الإخوان المسلمين إلى القضاء على مقولة الانتصار الحتمي للتيارات الإسلامية، هذه
المقولة التي كان يعتمد عليها جميع المحللين في المنطقة. لقد قامت مصر بهز الشرق
الأوسط من جديد عندما أظهرت أن الإخوان المسلمين هم حزب كبقية الأحزاب. تدل ردود
الفعل الدولية على الغموض السائد في المنطقة بعد الأحداث الأخيرة في مصر.
السعودية وقطر هما العرابان التقليديان للحركات
الإسلامية في العالم، ولكنهما كانتا من أوائل الدول التي رحبت بسقوط الرئيس
الإسلامي. يمكن تفسير الموقف السعودي بالعداء التقليدي الذي تكنّه الرياض تجاه
الإخوان المسلمين بصفتهم حركة منافسة ومستقلة عنها. بالنسبة للموقف القطري الذي
رحب بتغيير النظام، فإنه يدعو للاستغراب نظراً لأن تلفزيون الجزيرة جعل نفسه
محامياً للتيارات الإسلامية إلى درجة أن الجيش المصري أغلق مكتب الجزيرة في
القاهرة بعد سقوط مرسي.
أيدت
سورية بشار الأسد أيضاً إقالة مرسي. يحاول نظام الأسد منذ سنتين سحق التمرد الذي
يقوده ويوجهه الجناح السوري للإخوان المسلمين، ويبدو أن موقفه أكثر انسجاماً من
موقف أعدائه اللدودين في ممالك الخليج. إلا أن ذلك يمثل حجة للتمرد الشعبي ضد نظام
قمعي فاشل ومنطوي على نفسه، وهو تمرد يُشبه تمرد الشعب السوري ضد نظامه في ربيع
عام 2011.
كانت
ردة فعل رجب طيب أردوغان في تركيا أكثر منطقية عبر إدانته الحازمة للأحداث في مصر:
اعتبرت أنقرة أن التحالف بين الثوار الليبراليين والأوساط المحافظة والجيش المصري
الذي أدى إلى إسقاط مرسي هو تهديد مباشر لحزب العدالة والتنمية التركي الذي واجه
مؤخراً مظاهرات ضد نظامه خلال شهر حزيران. جعلت تركيا من الحكومة المصرية الجديدة
محطة لطموحاتها الإقليمية بسبب القرب الإيديولوجي بينهما. لقد خسرت أنقرة حليفها
الأساسي في العالم العربي بسقوط محمد مرسي، وذلك بعد قطيعتها مع سورية والجفاء مع
العراق.
كانت
ردة فعل الفلسطينيين تجاه الأحداث في مصر مختلفة حسب انتماءاتهم السياسية. ما زالت
حماس تحت الصدمة بعد السقوط المفاجىء لمرسي: كانت حماس تتعرض لملاحقة الأجهزة
السرية أثناء حكم مبارك، ثم أصبح مرسي يستقبلهم في القصر الرئاسي. كان السلطة
المصرية بالنسبة لحماس بمثابة الراعي الطبيعي حتى ولو لم تُحقق حكومة مرسي جميع
أحلام حماس عبر الاكتفاء بفتح معبر رفح، وإغلاق جميع الأنفاق السرية. لقد تخلّت
حماس عن التمويل الإيراني عندما قطعت علاقاتها مع بشار الأسد. قام رئيس حماس في
غزة اسماعيل هنية بتوجيه نداء إلى أنصاره بعدم الاستسلام أمام "الحزن
والمصاعب" وعدم فقدان الأمل، يدل هذا النداء على خطورة
الوضع. عبّرت السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس عن سرورها بسقوط مرسي، وتعتبر
فتح أن سقوطه هو مفاجأة إلهية، واستعادت الأمل قليلاً.
أظهر
الإيرانيون غموضاً كبيراً. أدانت طهران "الانقلاب
العسكري" الذي قام بتنظيمه "الأمريكيون
والصهاينة"، على الرغم من أن علاقاتها مع الإخوان المسلمين
تدهورت كثيراً بسبب الأزمة السورية بشكل أساسي.
بقيت
إسرائيل صامتة بشكل غريب: من الناحية النظرية، إذا كان الإسرائيليون يُفضلون سلطة
غير إسلامية في القاهرة، فقد تأقلموا في النهاية مع محمد مرسي الذي اتبع سياسة
حازمة ضد الجهاديين في سيناء، وسمح بالسيطرة على حماس في غزة.
شعر
الأمريكيون باضطراب كبير بعد سقوط حكومة الإخوان المسلمين. لقد اقتنعت إدارة
أوباما بفكرة الحتمية التاريخية الإسلامية، واختارت دعم الإخوان المسلمين في مصر،
واعتبرتهم حلفاء لها مثل تركيا أردوغان. نجحت واشنطن بإثارة غضب الجميع عبر
الإشارة إلى قلقها من عملية "غير ديموقراطية"
والامتناع عن إعلان أية ردة فعل أخرى: يعتبر الإخوان المسلمون أنهم تعرضوا للخيانة
بسبب غياب الدعم الأمريكي، بينما اعتبر خصومهم الليبراليون والعسكريون أن
الأمريكيين هم حلفاء الإسلاميين، وسخروا من سفيرتهم في القاهرة آن بيترسون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق