صحيفة الليبراسيون 24 تموز 2013 بقلم جان
بيير بيران Jean-Pierre
Perrin
إنه
الرجل المناسب الذي تنتظره المعارضة السورية من أجل قيادتها. هناك عدة أسباب: حقق
النظام مؤخراً بعض النجاحات العسكرية الهامة، وتواصل المجموعات الجهادية تقدمها
على الأرض، ويجب عليه تجاوز كارثة الرئاسة السابقة لرئيس الإئتلاف الوطني السابق
معاذ الخطيب الذي استقال في شهر آذار بحجة إدانة "جمود" المجتمع
الدولي في النزاع السوري. كان الرئيس السابق للإئتلاف رجل دين شعبوي، وغرق في
النزاعات الداخلية، وكان يأخذ قراراته لوحده، ويعلن عنها على الفيسبوك. هذا هو
السبب في فترة الجمود الطويلة التي عاشتها المعارضة، وأدت إلى نزع المصداقية عنها
داخلياً ودولياً.
يجب
على الرئيس الجديد للإئتلاف الوطني السوري أحمد العاصي الجربا مواجهة العديد من
التحديات. تم انتخابه بتاريخ 6 تموز لكي يكون تجسيداً للبديل عن بشار الأسد. إنه
يريد أن يكون هذا البديل ديموقراطياً وتعددياً، وهذا ما أكده البارحة 23 تموز
أثناء لقاء مع بعض الصحفيين في باريس على هامش اجتماعه مع لجنة الشؤون الخارجية في
البرلمان الفرنسي، وقال بخصوص الخطر الجهادي: "لم تحصل الثورة لكي تأتي
تيارات خارجية إلى السلطة. نحن أول الذين عانوا من ذلك، وقبل دول المنطقة. إن
استمرار هذه الأزمة هو أحد العوامل الأساسية التي سمحت ببروز هذه التيارات. كلما
استمرت الأزمة، كلما ساهم ذلك في تشجيع هذه التيارات".
إنه
رجل خارج عن المقاييس. سيقوم فرانسوا هولاند باستقباله اليوم 24 تموز في أول
زيارته له إلى بلد غربي بهذه الصفة. جاء من أعماق سورية، من محافظة الحسكة التي
تجري فيها المعارك بين الأكراد والمجموعات الجهادية منذ حوالي أسبوع. إنه رئيس
بدوي من تجمع قبائل الشمر التي تمتد أراضيها في خمس دول منها العراق والسعودية
وسورية. إنها قبيلة معروفة بنزعتها المحافظة، وحاربت في الماضي العائلة المالكة في
السعودية لأنها تعتبرها مبالغة في الحداثة. ولكن الجربا مشهور بأنه علماني مُقتنع،
وهو مُقرّب من المعارض اليساري ميشيل كيلو الذي انضم إلى الإئتلاف في بداية شهر
تموز. بصفته رئيس قبيلة، تم اعتباره كأحد المقربين جداً من السعودية ـ والدة الملك
السعودي الحالي من قبيلة الشمر ـ ، وقال أحد الدبلوماسيين: "لديه علاقات
مع مكتب الملك السعودي". أكد أحد المحللين قائلاً: "إنه مقرب
جداً من أجهزة الاستخبارات السعودية". إذاً، إن انتصاره على رأس الإئتلاف
هو انتصار للسعودية أيضاً في مواجهة مرشح الإخوان المسلمين المدعومين من قطر.
كان
أحمد الجربا مكلفاً بملف تسليح المتمردين قبل انتخابه على رأس المعارضة، وفاوض على
شراء الأسلحة الكرواتية بدعم من أجهزة الاستخبارات السعودية. هناك نقطة إيجابية
أخرى لصالحه هي قربه من رئيس الجيش السوري الحر الجنرال سليم إدريس الذي يرافقه في
زيارته إلى باريس. يُقال أيضاً أنه يتكلم الفرنسية، فقد حصل على وسام جوقة الشرف
الفرنسي. أكد مصدر دبلوماسي قائلاً: "إنه يمثل عودة الواقع الميداني إلى
داخل المعارضة". ولكن يجب عليه أن يكون رجل سياسي أيضاً. لم ينجح رؤساء
المعارضة حتى اليوم في أن يكونوا رجال سياسة وقادة ميدانيين في الوقت نفسه. قال
أحمد الجربا أثناء لقائه مع الصحفيين: "المرحلة القادمة ستكون إدارة
شؤوننا داخل سورية، ويجب أن تكون العلاقات يومية. ذهبت إلى سورية منذ اليوم الأول
لانتخابي، وسأعود إلى سورية بعد انتهاء الزيارة إلى أوروبا، سأعود إلى الجنوب
والشرق والشرق و...".
تعهد
أحمد الجربا أيضاً بتزويد المقاتلين "بأسلحة قادرة على تحقيق التقدم"،
وأعلن عن تشكيل "حكومة مؤقتة خلال شهر لكي تعمل داخل سورية".
بالمقابل، لن يكون هناك نقاشات مع ممثلين عن النظام، وقال: "ما زال ذلك
سابقاً لأوانه. نحن لا نريد التفاوض ما دام الوضع على الأرض ليس جيداً جداً".
إن التمرد ليس في حركة تصاعدية، ولن ينعقد مؤتمر جنيف 2 قريباً. سيذهب أحمد الجربا
بعد انتهاء زيارته في باريس إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع غير رسمي في مجلس
الأمن بحضور المندوب الروسي. لن يُشارك سليم إدريس في هذا الاجتماع بسبب خطورة
الوضع العسكري.
إذاً، استطاع أحمد الجربا تحقيق نجاح دبلوماسي.
كما أن باريس التي بذلت جهوداً كبيرة داخل المعارضة منذ إنشائها، أرادت إعطاء
زيارته أهمية كبيرة، والتأكيد على أنها ما زالت تؤمن بأن الإئتلاف قادر على تحمل
مسؤولية العملية الانتقالية في سورية. بالنسية لجربا، يجب الآن تسوية المسألة المعقدة
المتعلقة بالحصول على الأسلحة الغربية التي ما زالت غامضة حتى الآن. هناك تحدي آخر
هو أن يفرض نفسه داخل سورية، وهو ليس أقل التحديات صعوبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق