الصفحات

الخميس، ٢٥ تموز ٢٠١٣

(الجهاديون لم يفهموا شيئاً)

مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 25 تموز 2013 ـ مقابلة مع الباحث المختص بالعالم العربي والإسلامي جان بيير فيليو Jean-Pierre Filiu ـ أجرى المقابلة رونيه باكمان René Backmann

سؤال: كيف تُفسرون المواجهات داخل التمرد السوري؟
جان بيير فيليو: كنت في زيارة للجزء المحرر من حلب التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، وعدت قبل فترة قصيرة. لم أشهد أية اشتباكات بين الميليشيات على الرغم من وجود نشاط واضح للميليشيات. بالمقابل، هناك شائعات في شمال سورية بأكمله وشهادات حول المواجهات المتزايدة والدامية بين الجيش السوري الحر والمجموعات الجهادية التي تنقسم إلى جزئين كبيرين هما: جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (ملاحظة: اختصرها الباحث باسم "الدولة" واستخدمها للدلالة على الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام). رفضت جبهة النصرة الاندماج مع الجناح العراقي لتنظيم القاعدة، الأمر الذي أدى إلى انشقاق داخلي وولادة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وهي تمثل الفرع المحلي لتنظيم القاعدة، ويُطلق عليها هناك اسم "الدولة". في الحقيقة إن الاشتباكات هي بين "الدولة" والجيش السوري الحر. بشكل عام، تبدأ الاشتباكات بسبب حركات الاحتجاج أو حتى التمرد التي يقوم بها السكان ضد وحشية الجهاديين الأجانب في أغلب الأحيان، وتزايد عمليات الترهيب التي يقومون بها. اندلع تمرد من هذا النوع مؤخراً في قرية دانا غرب حلب، وذلك عندما تدخل الجيش السوري الحر لحماية السكان، أدى تدخله إلى قتل اثنين من ضباطه وقطع رأسيهما. يبدو أن "الدولة" ما زالت متمسكة بممارسات الترهيب، ولم تتعلم شيئاً من إدارتها الكارثية للمحافظات الغربية العراقية، وما زالت تتصرف ككيان خارجي ذو أهداف شمولية لفرض رؤيتها للإسلام على شعب يمكن أن يُقال عنه كل شيء، ولكن لا يمكن القول أنه شعب غير مسلم.
سؤال: ما هي نتائج هذه الانقسامات على القدرة العسكرية للتمرد؟
جان بيير فيليو: على الصعيد الميداني، ما زال الجيش السوري الحر هو الجهة المسيطرة، على الرغم من وجود عدة كتائب وتيارات وممارسات مختلفة جداً تحت علمه، ابتداءاً من الثوار الأكثر تصميماً وحتى العصابات التي تنضم إلى المعسكر المنتصر. يعتبر سكان شمال سورية أن التمرد هو المعسكر المنتصر. بدأ السكان هنا بالتأقلم مع الثورة والإدارة البديلة للحياة اليومية، على الرغم من تصوراتنا العسكرية لهذه الحرب ونتائجها المرعبة. تعيش هذه المناطق المدعومة من تركيا بشكل أفضل من المناطق الحكومية، وقامت بابتكار مؤسسات جديدة. إذا نظرنا إلى كل ذلك، دون أن أنسى حمص الواقعة تحت القنابل والقصير المدمرة، لا أعتقد أن النزاعات داخل التمرد تُضعف الإمكانيات القتالية للجيش السوري الحر وحرب العصابات بشكل عام. لأن "الدولة" التي لا تُفرّق بين جيش بشار والثوار الذين لا يُطيعوا أوامرهم الدينية، هي في الحقيقة جزء حقيقي في الجبهة الثورية، وتحتل مواقع عسكرية هامة. نشهد اليوم برأيي عملية تصفية وتوضيح. سيكون من النفاق اتهام الثورة السورية بالضعف عندما تبدأ بالتخلص من الجهاديين، في حين أننا كنا نطلب منهم قبل فترة قصيرة إبعاد الجهاديين لكي نستطيع مساعدتهم. لنكن واضحين: ما زال القضاء على الجهاديين أمر بعيد المنال، ولكنني أعتقد أنهم وصلوا إلى ذروة قوتهم في فصل الربيع.
سؤال: تقول الدول الغربية أنه من المستحيل إرسال الأسلحة إلى التمرد لأن ذلك يُهدد بخطر وقوعها بأيدي الجهاديين، وسيُضعف...
جان بيير فيليو: إنه أمر بسيط جداً: إذا أراد الأوروبيون والولايات المتحدة بديلاً حقيقياً، وفرضه على بشار الأسد ونظامه، فيجب عليهم تسليح الثورة، ليس فقط لكي تسمح لها بالدفاع عن الشعب وتغيير موازين القوى، بل أيضاً من أجل هيكلة مقاومة فعالة حول قطب مُهيمن. تكفي بعض الأشياء البسيطة مثل الصواريخ المضادة للدبابات وصواريخ أرض ـ جو لتكبيد الجيش السوري خسائر كبيرة على صعيد الدبابات والطائرات واختراق الخطوط المعادية. يجب القول أن جيش بشار هو نمر من ورق، على الرغم من دباباته وطائراته وصواريخه وأسلحته الكيميائية.
سؤال: ما هي ردة فعل السوريين تجاه موقف الدول الغربية؟
جان بيير فيليو: تعتقد أغلبية الشعب السوري أن العالم تخلى عنهم، وأنه لا يمكنهم الاعتماد إلا على أنفسهم لمواجهة بشار وروسيا وإيران. يعرف السوريون أن الاستنكاف الغربي يعني بالنسبة لهم المزيد من القتلى دون جدوى. ولكنهم اختاروا المقاومة، ولن يتراجعوا عنها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق