صحيفة الليبراسيون 20 تموز 2013 بقلم لوك
ماتيو Luc Mathieu
اختار الجناح الإعلامي لتنظيم القاعدة في العراق
(الفرقان) بث شهادتي الشابين الفرنسيين نيكولا ب Nicolas B. الملقب بأبو عبد الرحمن، وشقيقه
جان دانييل Jean-Daniel لتدشين حملتها الإعلامية المضللة بهدف جذب المقاتلين الأجانب إلى
سورية. هل تم اختيارهما لأنهما فرنسيان؟ أم لأنهما وافقا على الحديث بوجه مكشوف؟
تم تأكيد صحة شريط الفيديو الذي ظهر على الأنترنت بتاريخ 9 تموز من قبل الباحث في
معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى آرون زيلين Aaron Zelin. وبعد ثلاثة أيام، ظهر شريط فيديو
آخر يظهر فيه أحد المقاتلين من كازاخستان. يُمثل الفيلمان جزءاً من سلسلة بعنوان: "أولئك
الذين آمنوا وهاجروا". تُظهر الصور الأولى صور تسعة جهاديين أجانب بوجه
مكشوف.
لم
يُعط شريط الفيديو للشابين الفرنسيين أية إشارة دقيقة للمنطقة التي يعملان بها.
الإشارة الوحيدة هي المشهد الأخير في نهاية التسجيل الذي أظهر قافلة من العربات
تسير على الطريق بين عتمة والدانا بالقرب من الحدود التركية، وهما مدينتان
معروفتان بأنهما ملجأ للمجموعات الإسلامية الراديكالية.
أصبحت سورية الموطن الجديد للجهاد قبل أفغانستان
والباكستان واليمن، وذلك بعد سنتين ونصف من بداية التمرد ضد بشار الأسد. أشارت
دراسة في معهد واشنطن إلى وجود ما بين 2500 و7000 مقاتل أجنبي في سورية، أغلبهم من
السعودية وليبيا وتونس والأردن. ولكن هناك أيضاً بعض المقاتلين الغربيين، ومن
بينهم بعض الفرنسيين. إذا كان بعضهم قد انضموا إلى صفوف الجيش السوري الحر بهدف
إسقاط بشار الأسد فقط، فإن أغلبهم انضموا إلى المجموعات الراديكالية التي تريد
إقامة "الخلافة" في الشرق الأوسط.
إن
بعض هؤلاء المقاتلين في المجموعات الرايكالية يُعطون الانطباع بأنهم "سائحو
حرب" بعيداً عن صورة المقاتلين المتعصبين. إلتقت صحيفة الليبراسيون
بالعديد منهم في حلب خلال شهر تشرين الثاني، منهم مقاتل مصري كان يعمل في شركة
نوكيا (Nokia) بالقاهرة، وانضم إلى مجموعة أحرار الشام السلفية لـ "إكمال
واجبه كمسلم" كما كان يقول. ولكنه في الحقيقة بقي ثلاثة أسابيع في سورية
دون أن يشارك في القتال إطلاقاً. كان قادته يشكون بقدرته على استخدام بندقية
كلاشينكوف، وأرسلوه في النهاية لتوزيع الأموال على عائلات الشهداء.
إن
وصول أعداد كبيرة من الإسلاميين الأجانب سواء كانوا قادرين على القتال أو غير
قادرين، مع الفوضى القائمة في سورية، سيؤدي إلى زعزعة المعارضة بشكل أكبر. إذا كان
الجهاديون ومتمردو الجيش السوري الحر يقاتلون صفاً واحداً قبل عدة أشهر، فإنهم
يتصادمون حالياً أكثر فأكثر في أغلب الأحيان. أدت المعارك بين مختلف الفصائل إلى
سقوط عشرات القتلى في صفوف الجيش السوري الحر خلال الأسابيع الأخيرة في شمال غرب
سورية. كما بدأ الأكراد منذ يوم الأربعاء 17 تموز شن حرب على الإسلاميين، وتمكنوا
من طردهم من رأس العين على الحدود التركية، ويقاتلونهم في منطقة الحسكة النفطية.
أدت هذه المواجهات إلى سقوط 29 قتيلاً، منهم عشرة جهاديين.
لم
يعد الجهاديون وعناصر الجيش السوري الحر قادرين على تبني إستراتيجية مشتركة، حتى
في حالة عدم قوع معركة بينهم وجهاً لوجه. يُحاول الجيش السوري الحر إقناع الجنود
النظاميين بالانسحاب من مطار المنغ العسكري شمال حلب مقابل الحفاظ على حياتهم.
ولكن المقاتلين الراديكاليين ذي الأغلبية الشيشانية المتجمعين على الطرف المقابل
من المطار، مُقتنعون بوجود ضباط روس إلى جانب الجنود السوريين. يشن هؤلاء
المقاتلين غارات داخل المطار مساء كل يوم تقريباً، الأمر الذي يتسبب برد فعل حتمي
من الطيران السوري.
الأمر الأكثر غرابة هو تزايد الخلافات داخل
الحركة الإسلامية منذ عدة أشهر. أعلن الجناح العراقي لتنظيم القاعدة في شهر نيسان
عن اندماجه مع جبهة النصرة الجهادية في سورية. ولكن بعد عدة أيام من هذا الإعلان،
نفى رئيس جبهة النصرة أبو محمد الجولاني هذا الاندماج، وأكد ولاءه إلى أيمن
الظواهري خليفة بن لادن على رأس تنظيم القاعدة. ما زالت هذه البلبلة تُثير الجدل
على المواقع الإلكترونية الجهادية، وأدت في النهاية إلى تأسيس الدولة الإسلامية في
العراق وبلاد الشام التي انضم إليها الشابان الفرنسيان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق