الصفحات

الأربعاء، ٢٤ تموز ٢٠١٣

(أوروبا وحزب الله وسورية المُعذبة)

 افتتاحية صحيفة اللوموند 24 تموز 2013

     إنه موقف متناقض قليلاً: قررت أوروبا المشلولة في سورية أن تضرب الجناح العسكري لحزب الله اللبناني الذي يُمثل إحدى القوى السياسية الرئيسية في لبنان. كما لو أن اتخاذ إجراء يتعلق بلبنان سيُعوض عن عدم وجود سياسة إزاء سورية.
     قرر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أثناء اجتماعهم في بروكسل يوم الاثنين 22 تموز إدراج الجناح العسكري لحزب الله في القائمة الأوروبية للمنظمات الإرهابية. إن السبب الرسمي المعلن عنه هو سلسلة من عمليات التفجير المنسوبة إلى حزب الله في بلغاريا وقبرص، أي على الأرض الأوروبية. أوضح وزراء الخارجية أنهم سيواصلون الاتصال مع ممثلي حزب الله في الحكومة أو البرلمان اللبنانيين. إن حزب الله هو الممثل الرئيسي للطائفة الشيعية اللبنانية، ولديه أقوى ميليشيا مسلحة في لبنان، وهي أقوى من الجيش اللبناني النظامي. تقوم إيران بتمويل الحزب بشكل كبير، بالإضافة إلى تجهيزه والإشراف عليه.
     قال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ: "الهدف من هذا القرار هو توجيه رسالة واضحة". إن أقل ما يمكن قوله هو أن هذه العملية غير موفقة. إن رسالة الأوروبيين غامضة ومرتبكة. ليس لأن حزب الله لا يمارس الإرهاب: إنه يقوم بذلك بشكل مقصود، بل لأن دول الاتحاد الأوروبي كانت منقسمة. تعتبر بعض الدول الأوروبية منذ وقت  طويل أنه من غير المناسب سياسياً معاقبة حزب في قلب الحياة السياسية اللبنانية، هذا بالإضافة إلى صعوبة التمييز بين الجناح السياسي والجناح العسكري لحزب الله الذي يمثل منظمة واحدة تتصف بهيكلية وتراتبية صارمة جداً.
     الحقيقة هي أن الأوروبيين لم يتفقوا إلا لأن حزب الله دخل في الحرب بسورية إلى جانب نظام دمشق الذي يُمثل الدعامة الثانية للحزب مع إيران. أرسل هذا الحزب بعض رجاله للمشاركة في المعارك ضد التمرد السوري. لم يتدخل حزب الله في سورية إلا بموافقة إيران، وهو مُلزم بالقرارات الإستراتيجيية الإيرانية. نتصور أن الأوروبيين أرادوا بذلك توجيه رسالة إلى عدة أطراف، ولكن من الصعب ألا نرى فيه موقفاً عاجزاً نسبياً، أو على الأقل مؤشراً رمزياً يُعبر عن الارتباك الأوروبي تجاه المأساة السورية.

     لا تعرف دول الاتحاد الأوروبي الطريق الواجب اتباعه، وأغلبهم لا يريدون أي تدخل عسكري في هذه القضية. وحتى فرنسا وبريطانيا الأكثر "نزعة نحو التدخل" تترددان في تسليح تمرد متعدد الأشكال وتتعدد فيه المجموعات الجهادية الأكثر راديكالية، وهذا التردد موجود في واشنطن أيضاً. لا اعتراض على معاقبة حزب الله، ولكن ذلك لن يُغير أي شيء في مجريات الأمور، لا في لبنان المزعزع، ولا في سورية التي تشهد مأساة كبيرة تنظر إليها أوروبا عاجزة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق