الصفحات

الجمعة، ١٩ تموز ٢٠١٣

(ضعف الإسلام السياسي)

مجلة النوفيل أبسرفاتور الأسبوعية 18 تموز 2013 ـ مقابلة مع الباحث السياسي جيل كيبيل Gilles Kepel ـ  أجرت المقابلة سارا دانييل Sara Daniel

سؤال: تحدثتم في كتابكم "الآلام العربية" (Passion Aarbe) عن يوم في إحدى القرى المصرية عند انتخاب مرسي ، وأشرتم إلى أن انتصاره بنسبة 51 % يُعبر عن انقسامات عميقة داخل المجتمع المصري. هل نعيش اليوم تعزيزاً لموقف التيار المعادي للإسلاموية وتراجعاً للإسلام السياسي، وذلك بعد إسقاط محمد مرسي والمظاهرات في تركيا واغتيال شكري بلعيد في تونس؟
جيل كيبيل: لنقل أن الإسلام السياسي ما زال يتفتت بين مجموعة تعتبر أنه يجب المشاركة في الانتخابات والنظام السياسي، وبين مجموعة أخرى تدعو إلى إلى الكفاح المسلح دون أن تكون قادرة على تعبئة الجماهير. باختصار، إنه يتفتت بين نموذجي أردوغان وبن لادن. نلاحظ اليوم بوضوح أنه حتى في الدول التي انتخبت أنظمة إسلامية مثل تركيا ومصر وتونس، ينقسم الإسلاميون في الحكم بين أولئك المستعدين للتحالف مع الديموقراطيين والعلمانيين مثل رئيس الوزراء التونسي السابق حمادي الجبالي والرئيس التركي عبد الله غول، وأولئك الذين يستخدمون الانتخابات وسيلة لتحقيق أهداف تسلطية. ولكن مهما كان مصير الثورات العربية، وعلى الرغم مما نشاهده اليوم من الفوضى في ليبيا والحرب الأهلية في سورية وعدم الاستقرار في مصر والإخفاق في البحرين والاختناق في اليمن والعملية الانتقالية الخطيرة في تونس، فإن شعوب المنطقة حصلت على حرية الكلام المُصادرة منذ الاستقلال. لا يعني كل ذلك أن الإسلام السياسي قد انهزم، ولكن التناقضات التي يعيشها ما زالت مستمرة في إضعافه.
سؤال: هل حققت هذه الدول نضوجاً سياسياً أكبر؟
جيل كيبيل: إن ترسيخ النزعة الديموقراطية في المجتمعات العربية أصبح أمراً واقعاً بغض النظر عن التقلبات المذهلة التي تعيشها هذه المجتمعات. سيكون من المستحيل تجاهل ذلك، وإذا أراد العسكريون أو الإسلاميون الوقوف في وجه هذه النزعة الديموقراطية، فسوف يكون ذلك على حساب مصالحهم. إنه تغيير هام في طريقة التفكير، ويبدو أن الإسرائيليين لم يُدركوا ذلك حتى الآن بسبب انحصار تفكيرهم بالبعد الأمني وتفضيلهم للعلاقات بين الأجهزة الأمنية. يجب على الإسرائيليين التأقلم مع المعطيات الجديدة في العالم العربي. في سورية على سبيل المثال، يحظى المتمردون بدعم  الحلف "السلفي ـ الصهيوني" من السعودية وقطر وتركيا وصولاً إلى إسرائيل والغرب ، ولكنهم يواجهون بشار الذي يحظى بدعم الحلف "السوفييتي ـ الشيعي" من موسكو إلى طهران مروراً بحزب الله وبغداد (بالإضافة إلى حماس التي أصبحت قطر على وشك شرائها مثل أي نادي أوروبي لكرة القدم!). قام بشار بالتصفيق لسقوط مرسي وإعطاء دروس بالديموقراطية، ولكن المتظاهرين في ساحة التحرير بتاريخ 30 حزيران كانوا بغنى عن ذلك...
سؤال: ما هي نتائج انعدام التوازن المصري على بقية الدول في المنطقة؟
جيل كيبيل: النتيجة الأولى هو شعورالسعودية بالرضى بعد إحرازها هدفاً في المباراة ضد قطر على الصعيد الإقليمي. اقترحت السعودية مع الكويت والإمارات العربية المتحدة تقديم مليارات الدولارات كهبات وقروض مصرفية من أجل دعم مصر ما بعد مرسي. ما زالت مصر عملاقاً ترتعب ممالك الخليج النفطية من فكرة انهياره وتعرّض أمنها الهش للتهديد، وذلك على الرغم من كون مصر بدينة وعوراء ومُصابة بالتهاب المفاصل بسبب عقود من الحكم السيء، بالإضافة إلى أنها لم تعد زعيمة العالم العربي منذ وقت طويل. لم تعد قطر قادرة على السيطرة على الجهاديين الذين دعمتهم في سورية، وأصبحوا يقاتلون ضد الضباط العلمانيين في الجيش السوري الحر. أصبحت قطر في موقع المُتهم حالياً، وبدأ جيش بشار بالتقدم على الأرض بعد المساعدة التي حصلها عليها من حزب الله وحرس الثورة الإيراني. يمثل ذلك بلا شك تفسيراً جزئياً لتنازل الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم، وفي الوقت نفسه رحيل حمد بن جاسم المسؤول الأول عن هذه السياسة "المُفرطة" والخطيرة جداً بالنسبة لدولة صغيرة وغنية جداً يبلغ عدد سكانها 200.000 نسمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق