الصفحات

الاثنين، ٢٢ تموز ٢٠١٣

(الراديكاليون الذين يتخلصون من سيطرة الجوامع الفرنسية)

صحيفة الليبراسيون 20 تموز 2013 بقلم برناديت سوفاجيه Bernadette Sauvaget

     إن اعتناق الإسلام ليس أمراً جديداً بحد ذاته، ولكن صفات الذين يعتنقونه تغيرت كثيراً. يتأكد هذا التوجه في كل مرة يتم فيها تفكيك إحدى الشبكات الجهادية. بدأ التحول الكبير خلال سنوات التسعينيات التي تميزت بظهور "مُعتنقي الإسلام في الضواحي"، واتجهت أقلية ضئيلة منهم نحو الجهاد الراديكالي. كان اعتناق الإسلام خلال فترة طويلة محصوراً بالنخبة، ثم أصبح شعبياً اعتباراً من التسعينيات. في عام 1996، كان تفكيك "عصابة مدينة روبيه Gang de Roubaix" القضية الأولى التي سمحت بتسليط الضوء على هذا النوع الجديد من معتنقي الإسلام، وهم أكثر راديكالية.
     كان اعتناق الإسلام في السابق يقتصر على المثقفين والفنانين مثل رونيه جينون René Guénon ولوي ماسينيون Louis Massignon اللذين كانا من أوائل مُعتنقي الإسلام في بداية القرن العشرين. تضم هذه القائمة أيضاً الشخصية الغامضة روجيه غارودي Roger Garaudy ومصمم الرقص موريس بيجار Maurice Béjart. اختار أغلبهم الصوفية، وهي المذهب الروحاني في الإسلام، أي يمكن القول أنه نوع من "الإسلام الراقي". هناك بعض الشخصيات في فرنسا التي تُجسد دوماً هذا التيار مثل الباحث الإسلامي إريك جوفروا Eric Geoffroy وعالم الفيزياء الفلكية برونو جيدردوني Bruno Guiderdoni.
     أصبح اعتناق الإسلام "شعبياً" خلال التسعينيات، وارتبط بالعمل الميداني الذي قامت به حركة "التبليغ" الراديكالية جداً. إنها حركة ناشطة جداً في مجال التبشير بالضواحي، ولاسيما في الأحياء الصعبة. توجهت حركة "التبليغ" أولاً نحو المسلمين، لأنها كانت تخشى عليهم من التأثر بالأخلاق الغربية وإهمال الدين في النهاية. إن حركة "التبليغ" متشددة جداً، وبدأت بإصلاح بعض المجرمين الصغار. غضت السلطات نظرها عن هذا التبشير الديني الذي "أعاد السلام" إلى الأحياء الصعبة. بدأ هذا الموقف بالتغير في اللحظة التي سيظهر فيها أن الخطوة الأولى لبعض الجهاديين الفرنسيين نحو الراديكالية كانت في حركة "التبليغ".
     إن هذه الحركة نحو "إعادة أسلمة" الضواحي ستؤثر أيضاً على الشباب من أصول فرنسية بشكل غير مباشر في أغلب الأحيان. يختلط معتنقو الإسلام مع الشباب المسلمين الذين تمت إعادة أسلمتهم بدورهم. تغيّرت أشكال حركة اعتناق الإسلام بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وتخلصت أكثر فأكثر من سيطرة شبكة الجوامع. يقوم الأنترنت بدور كبير في هذا المجال (جميع المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه). على الصعيد الديني والاعتناق، إن الحركة السلفية الغامضة متواجدة على الأنترنت بشكل كبير، وتقدمت على حركة "التبليغ" التي بدأت بالتراجع مثلها مثل منظمة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا (UOIF)، الجناح الفرنسي للإخوان المسلمين.
     ما زال عدد معتنقي الإسلام لغزاُ على الرغم من الاهتمام المتزايد بهذه الظاهرة. قال عالم الاجتماع فرانك فريغوسي Franck Frégosi: "لا توجد أية إحصائيات موثوقة". على الرغم من ذلك، هناك رقم مُتداول دوماً منذ حوالي عشرين عاماً يتراوح بين ثلاثين ألف وخمسين ألف فرنسي اعتنقوا الإسلام، ولم تتوفر أية تقديرات جديدة منذ ذلك الوقت. لا تقوم السلطات الإسلامية بأية إحصائيات، لأن اعتناق الإسلام يحتاج فقط إلى تلاوة الشهادة الإسلامية.

     تقوم بعض الجوامع الكبيرة في فرنسا مثل جامع باريس وجامع ليون وجامع ستراسبورغ بإعطاء شهادات اعتناق الإسلام التي تطالب بها السلطات السعودية بشكل خاص من أجل أداء فريضة الحج. أكد عميد جامع ليون كمال قبطان أنه يقوم بالتوقيع على حوالي مئتي شهادة سنوياً. يعتبر المحللون أن الجزء الأساسي من عمليات اعتناق الإسلام ما زال "اعتناق منفعة"، ويتعلق بشكل أساسي بالشباب الفرنسيين الذين يريدون الزواج بشابة مسلمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق