صحيفة الفيغارو 20 تموز 2013 بقلم جورج
مالبرونو Georges
Malbruont
لا
يُسيطر الجيش الحر إلا على 15 % تقريباً من إجمالي عدد المتمردين الذي يتراوح
عددهم بين 100.000 و150.000. تقرّب الجيش الحر كثيراً من الجهاديين الذين جاؤوا من
جميع أنحاء العالم، واستقبلهم بترحاب لمقاتلة "النظام المجرم" في
دمشق. يُعاني الجيش الحر اليوم من فقدان المصداقية لدى الكثير من السوريين الذين
يطلبون أحياناً عودة الجيش النظامي للتخلص من انعدام الأمن ونقص المواد الغذائية
التي ارتفعت أسعارها جداً داخل بعض الأحياء في حلب.
إن
الدليل على ضعف الجيش الحر تجاه الحركة الجهادية التي تُسيطر على 35 ـ 40 % من
المتمردين في شمال وشرق سورية هو تخلّي العرابين الدوليين عن مشروع إقامة حكومة
انتقالية في المناطق "المحررة". قال أحد الدبلوماسيين في الأمم
المتحدة: "لن يستطيع الجيش الحر فرض وجوده تجاه الجهاديين. لقد سئم الناس
من جميع هذه المجموعات المسلحة". النتيجة هي العودة إلى فكرة "إدارة"
بسيطة لإدارة شمال وشرق سورية. أضاف هذا الدبلوماسي الذي تنبأ بمستقبل قاتم
قائلاً: "إذا استمر الوضع على هذا الحال، هناك خطر بوقوع مواجهة بين
النظام وتنظيم القاعدة بعد ستة أشهر"، وهذا ما كان يتمناه بشار الأسد
دوماً.
عندما يستولي تنظيم القاعدة على إحدى المناطق،
يقوم فوراً بتأسيس لجنة لتطبيق الشريعة وإصدار أحكام بالعقوبات الجسدية ضد "الهراطقة".
كما يقوم بتعيين مفتي سوري بشكل عام، باستثناء دير الزور التي يتواجد فيها
العراقيون من تنظيم القاعدة بكثرة. لاحظ أحد الدبلوماسيين الأمميين في الشرق
الأوسط قائلاً: "قام مفتي متطرف في حلب بتحريم التدخين، ويطبق عقوبات قطع
الأصابع على المخالفين". لا أحد بمأمن عن "العقوبات
الإلهية". أشار الدبلوماسي الأممي إلى أن جهاديين اثنين في حلب تخاصما
حول المال، وتحدث أحدهما "بشكل سيء عن الرسول محمد. بعد ربع ساعة، جاء
المفتي ورجاله لمعرفة من أهان الرسول؟ أجاب أحدهم: إنه أمر تافه. ألح المفتي
بسؤاله قائلاً: أين هما؟ أجابوه: في الطابق الثاني. صعد المسؤول الجهادي، ثم نزل
حاملاً رأس الجهادي بين يديه". ما زال المسؤول الأممي يشعر بالرعب عندما
يروي هذه الحادثة، وأشار إلى أن الأمثلة على مثل هذه الاعمال كثيرة.
من
الممكن أن يستفيد الجيش السوري الحر من هذا الوضع إذا استطاع توحيد نفسه وهيكلة
قيادته، ولكن العديد من المحللين يعترفون بأن المشكلة تكمن "في أن الجيش
السوري الحر لم يعد قادراً على جذب السكان". على الرغم من ذلك، أعلن أحد
قادة الجيش السوري الحر إلى وكالة رويترز بعد فترة قصيرة من تصفية كمال حمامي
قائلاً: "سوف نطردهم"، في حين قام الناطق الرسمي باسم المجلس
العسكري الأعلى التابع للجيش السوري الحر بتوجيه نداء إلى الإمارة الإسلامية
لتسليمه قاتل حمامي، مُعلناً في الوقت نفسه عن منع "حواجز التفتيش على
محاور الطرق الرئيسية، ومنع تواجد الرجال المسلحين الملثمين". رد أحد
المعارضين في الخارج: "إنها أماني ساذجة. حارب الجهاديون عدة سنوات في
العراق، في حين دخل المتمردون ساحة المعركة بعد أسبوع أو أسبوعين من التدريب في
الأردن وتركيا بإشراف الدول الغربية". يملك المتمردون ورقة هامة في صراع
النفوذ ضد الجهاديين: بدأ السكان يتظاهرون ضد المتعصبين الذين يقومون بإدارة
الأحياء في حلب والرقة. قام هؤلاء الظلاميين باعتقال عشرات المعارضين العلمانيين
أو النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب.
إن
المواجهات الرئيسية التي وقعت بين الجيش السوري الحر والدولة الإسلامية في العراق
وبلاد الشام خلال الأيام العشرة الأخيرة، كانت بسبب الجهاديين وليس بسبب الجيش
السوري الحر: سواء فيما يتعلق بمحاولة السيطرة على مستودع للأسلحة تابع للجيش
السوري الحر في رأس العين شال إدلب، أو قيام الدولة الإسلامية في العراق وبلاد
الشام باغتيال كمال حمامي، أحد القادة الهامين في التمرد شمال اللاذقية.
أكد
الجهاديون تفوقهم مرة أخرى في بداية شهر تموز، عندما قتلوا عشرات المتمردين في
المنطقة الشمالية الغربية التي يمر فيها
الكثير من الجهاديين القادمين من تركيا. أدت هذه المعارك إلى مقتل حوالي
ثلاثين شخصاً من الطرفين، ولكن هل تُمثل هذه المعارك مؤشراً على اندلاع الحرب بين
الجهاديين والمتمردين الأكثر اعتدالاً والمدعومين من الدول الغربية التي تدفعهم في
هذا الاتجاه؟ ليس بالضرورة، كما يقول العديد من المحللين.
قال
دبلوماسي فرنسي يُتابع الملف عن كثب: "يتميز الأكراد بأمر هام هو تنظيمهم
وانضباطهم، ومقاتليهم أفضل من مقاتلي الجيش السوري الحر". لا يملك الجيش
السوري الحر معدات كافية، وليست لديه سلسلة قيادة فعالة، وأضاف أحد المعارضين في
الخارج قائلاً: "لا يملك الجيش السوري الحر الوسائل التي تمكنه في القيام
بمعركة ضد جهاديي جبهة النصرة (أغلب عناصرها من السوريين) وجهاديي الدولة
الإسلامية في العراق وبلاد الشام (الفرع المحلي لتنظيم القاعدة، ويتألف من
الأجانب)". تابعت القوات الكردية مواجهة المجموعات الإسلامية الراديكالية
التي تسعى إلى الاستيلاء على بعض الآبار النفطية في منطقة الحسكة، وذلك بعد أن
طردت الجهاديين من مدينة رأس العين بالقرب من الحدود التركية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق