صحيفة اللوموند
17 تموز 2013 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad
كان
الزعيم المتمرد أبو بصير الجبلاوي الأكثر مهابة في جبل التركمان لفترة طويلة. اسمه
الحقيقي هو كمال حمامي، وأسس أول مجموعة مسلحة في جبل التركمان بأموال العائلة.
إنه من عائلة غنية من تجار السنة في اللاذقية، وكان يستقبل ضيوفه والصحفيين
العابرين في فيلته بالرابية، عاصمة جبل التركمان. شارك رجاله في أصعب المعارك. كان
أبو بصير يتنقل بموكب في الجبل يوم الخميس 11 تموز، عندما صادف في طريقه حاجزاً
نصبه رجال الدولة الإسلامية في العراق والمشرق التابعة لتنظيم القاعدة في العراق،
هذا التنظيم الذي يتزايد تواجده في سورية أكثر فأكثر. غضب الزعيم المتمرد من
التواجد الجديد لهذه المجموعة المتطرفة في منطقته، وطالب بإزالة الحاجز. احتد
النقاش، وأطلق أحد المقاتلين الأجانب النار على أبو بصير، فقتله وجرح اثنين من
رجاله. نقل أحد رجال أبو بصير عنه أنه قال إلى المقاتلين الأجانب: "جئتم
إلى بلدنا لكي تساعدوننا أم لكي تخلقوا المشاكل؟ أنتم لا علاقة لكم بالإسلام".
إن
هذا الحادث بين المجموعات التابعة للجيش السوري الحر والأصوليين الإسلاميين ليس
الحادث الأول من نوعه، ولكنه الأكثر خطورة بالتأكيد. دفعت خطورة هذا الحادث بجبهة
النصرة التي تُمثل الجناح السوري لتنظيم القاعدة، ولكنها تتجنب أي اندماج مع
الجناح العراقي، إلى إطلاق وعد بتسليم المتهم بقتل أبو بصير. أصبح التوتر حاداً
منذ يوم الخميس 11 تموز بين المجموعة الجهادية التي يتكون أغلب عناصرها من
المقاتلين الأجانب وبين بقية التمرد. تزايدت النزاعات منذ بداية العام بين
المقاتلين الأجانب في تنظيم القاعدة وسكان "المناطق
المحررة" التي يُقيمون فيها: إن منع التدخين يكون سبب هذه
الحوادث أحياناً، أو الإرادة بفرض العلم الأسود والشهادة الإسلامية بدلاً من علم
الثورة أحياناً أخرى.
كان
أبو بصير قد تنازع سابقاً مع المقاتلين الأجانب في الدولة الإسلامية في العراق
والمشرق بعد السيطرة على إحدى القرى المسيحية، عندما قام الجهاديون الأجانب
بمهاجمة الكنيسة المحلية. قال توما بييريه Thomas
Pierret، الباحث المختص
بسورية والأستاذ المحاضر في جامعة إدينبورغ: "تشارك
الدولة الإسلامية في العراق في العمليات المسلحة بشكل قليل. بالمقابل، إن دعايتها
الإعلامية المضللة موجودة بكثرة على الشبكات الاجتماعية، وهي تعمل بشكل أساسي من
أجل إقامة دولة إسلامية مثالية بنظرها".
بدأ
الجناح العراقي لتنظيم القاعدة بالتمركز شيئاً فشيئاً في شرق وشمال سورية، ووصل
إلى محافظات دير الزور والرقة وحلب وحالياً اللاذقية. وقعت حوالي عشرة مدن تحت
سيطرته مثل الرقة التي يقوم بإدارتها مع المتمردين السلفيين السوريين أحرار الشام، وقرى دارة عزة وجرابلس ودانا. تقع
القرية الأخيرة على بعد عشرة كيلومترات من الحدود التركية، وهي الممر الإجباري
لجزء كبير من المساعدة الإنسانية الموجهة إلى إدلب وحماة. هاجمت الدولة الإسلامية
يوم السبت 13 تموز مستودعاً للأسلحة تابعاً للجيش السوري الحر في رأس الحصن بشمال
محافظة إدلب.
قامت
الدولة الإسلامية في العراق والمشرق بإعدام مراهق عمره 15 عاماً في حلب بسبب تهكمه
على اسم الرسول محمد، الأمر الذي أثار الاستنكار. في الرقة، يُشتبه بأن بعض الرجال
الملثمين باللون الأسود قاموا باختطاف رئيس المجلس البلدي والناشط في مجال حقوق
الإنسان عبد الله خليل الذي كان يريد تنظيم انتخابات بعد "تحرير"
المدينة من قوات النظام. كما قاموا بتنظيم إعدامات علنية للضباط العلويين
المعتقلين، الأمر الذي أثار صدمة حتى داخل صفوف الثوار.
تظاهر سكان حي بستان القصر في حلب يوم السبت 13
تموز بالقرب من أحد الأحياء الموالية للنظام لكي يسمح المقاتلون الأجانب لتنظيم
القاعدة الذين يسيطرون على الممر المؤدي إلى المناطق الحكومية برفع الحصار المفروض
على جيرانهم. استطاع المتظاهرون تحقيق مطلبهم. هل يمثل ذلك مؤشراً على بداية تراجع
الدولة الإسلامية؟ في الوقت الحالي، تتزايد تحذيرات الجيش السوري الحر، ولكن يبدو
أنه حريص على تجنب إندلاع حرب داخل التمرد، لأن نتائجها ستكون كارثية في الوقت
الذي يشن فيه النظام هجوماً مضاداً. من الصعب معرفة فيما إذا كان مقتل أبو بصير هو
حادث معزول أم مقدمة لهجوم من قبل تنظيم القاعدة لتزعم التمرد، الأمر الذي سيُثير
عملية تدمير ذاتية شبيهة بما عرفته الجزائر عندما حلّت المجموعة الإسلامية المسلحة
مكان الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
اعتبر الباحث توما بييريه أن هذا الحادث يمكن أن
يحث الدول التي تدعم المعتدلين داخل التمرد، مثل السعودية وبريطانيا وفرنسا، على
تسريع إرسال أسلحتهم لتجنب سيطرة المتطرفين على الأطراف التي تحميها هذه الدول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق