الصفحات

الثلاثاء، ١١ شباط ٢٠١٤

(زيارة دولة لإزالة الانزعاج الفرنسي ـ الأمريكي)

صحيفة اللوموند 11 شباط 2014 بقلم جان ميشيل ريولز Jean-Michel Riols

     تصادفت زيارة الدولة التي يقوم بها فرانسوا هولاند إلى الولايات المتحدة لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من يوم الاثنين 10 شباط مع استئناف المفاوضات حول سورية في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة. سيُخيم شبح النزاع السوري على هذه الزيارة التي تهدف إلى إزالة الانزعاج العميق الناجم عن التغيير المفاجىء لموقف باراك أوباما الذي تخلى في نهاية شهر آب 2013 عن توجيه الضربات العسكرية ضد نظام بشار الأسد. إن المؤشر على هذه الإرادة بالتهدئة هو المقال المشترك الذي تنشره صحيفة اللوموند اليوم 11 شباط للسيد باراك أوباما والسيد فرانسوا هولاند، وهي المرة الأولى للرئيس أمريكي مع نظيره الفرنسي منذ وصوله إلى البيت الأبيض، بهدف إظهار التقارب بين واشنطن وباريس.
     ولكن الحذر في الكلمات المستخدمة حول سورية يُعبّر عن استمرار ارتباك حقيقي وراء التوافق المعلن في وجهات النظر بين الرئيسين الأمريكي والفرنسي، ولاسيما أن الوضع على الأرض يتدهور باستمرار منذ إجهاض التدخل العسكري قبل خمسة أشهر. تحدث الرئيسان في مقالهما المشترك عن "تهديد قوي باللجوء إلى القوة" ضد النظام السوري، وهو أسلوب متحفظ لنسيان التحول المفاجىء في موقف باراك أوباما الذي أكد سابقاً أن استخدام دمشق للأسلحة الكيميائية سيكون بمثابة "خط أحمر"، ثم تراجع عن موقفه. ترك "انسحاب" أوباما حول سورية بعض الآثار، على الرغم من أن الإليزيه يقول بأنه لا يكنّ "أي جفاء" تجاه البيت الأبيض. ولكن كل ما يتعلق بتنظيم هذه الزيارة يدل على وجود إرادة بإصلاح ما انكسر.
     كان التوتر في العلاقات الفرنسية ـ الأمريكية شديداً حول الملف النووي الإيراني خلال فصل الخريف، وذلك في سياق التحول المفاجىء في الموقف الأمريكي حول سورية. كانت باريس تشك حينها بأن واشنطن تريد التفاوض حول تسوية ناقصة مع طهران، ولكنها استطاعت انتزاع اتفاق أكثر "حزماً" في النهاية. من هنا يأتي الإلحاح في المقال المشترك للرئيسين أوباما وهولاند على أن الهدف النهائي من المفاوضات الجارية هو "منع إيران من الحصول على سلاح نووي".
     يُعطي هذا المقال المشترك لمحة أولية عن هذه الزيارة. ساند الرئيس الأمريكي سياسة فرانسوا هولاند في إفريقيا عبر تقديم دعمه للتدخل الفرنسي في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، ولكنه بالغ قليلاً في تفسيره للدور الذي قامت به الولايات المتحدة. اكتفت واشنطن بتقديم مساعدة لوجستية كما فعلت في ليبيا عام 2011، تاركة فرنسا في الخط الأول لإدارة هذه الأزمات الإفريقية.
     ترتسم وراء هذا الاحتفاء بالرئيس الفرنسي صورة باهتة للولايات المتحدة التي لم تنسحب بل تراجعت. قال الباحث فرانسوا هيزبورغ François Heisbourg من مؤسسة البحث الإستراتيجي Fondation pour la recherche stratégique: "تقوم الولايات المتحدة حالياً بانعطاف هام. أوباما هو رئيس دولة لا تريد التدخل عسكرياً في العالم". تتزايد التساؤلات في باريس منذ التراجع الأمريكي في سورية حول قراءة النوايا الأمريكية. حاول لوران فابيوس استخلاص النتائج خلال كلمته بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس مركز التحليل والتنبؤ الإستراتيجي في وزارة الخارجية الفرنسية في شهر تشرين الثاني 2013، وقال: "يبدو أن الولايات المتحدة لم تعد تريد الانشغال بالأزمات التي لا تتلاءم مع نظرتها الجديدة لمصالحها القومية. إن انسحابها يمكن أن يترك بعض الأزمات الهامة مستمرة بدون تدخل خارجي".

     تؤكد وزارة الخارجية الفرنسية أن العلاقة الفرنسية ـ الأمريكية "أكثر هدوءاً مما تبدو عليه" على الرغم من تزايد الاختلافات في وجهات النظر بين البلدين، وقال أحد الدبلوماسيين: "لا يوجد اختلاف جوهري بيننا حول مسيرة العالم" على الرغم الاختلافات حول سورية وإيران. أصبحت باريس تقلق من غياب الزعامة الأمريكية وليس من وجودها، بعكس الحال قبل عشر سنوات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق