الصفحات

الاثنين، ١٠ تشرين الثاني ٢٠١٤

(المستوطنات هي استمرار للمعركة السكانية)

صحيفة الليبراسيون 8 تشرين الثاني 2014 ـ مقابلة مع المؤرخ المختص بالقدس المحتلة فانسان لومير Vincent Lemire ـ أجرى المقابلة مراسلها الخاص في إسرائيل أموس ريشمان Amos Reichman

يعمل فانسان لومير في مركز الأبحاث الفرنسي في القدس المحتلة، ونشر العام الماضي كتاباً بعنوان: (القدس 1900: المدينة المقدسة في عصر الاحتمالات)، كما يدير حالياً مشروع: القدس المفتوحة (Open Jérusalem).
سؤال: تحتل إسرائيل القدس الشرقية منذ عام 1967، كيف يمكن تفسير استمرار هذا الوضع منذ وقت طويل جداً؟
فانسان لومير: لم تكن إسرائيل تفكر بضم القدس الشرقية. فرض هذا الوضع المؤقت نفسه، ولكن الوضع وصل إلى مأزق مسدود كلياً فيما بعد.  تعتبر إسرائيل أن القدس هي عاصمتها "الموحدة وغير قابلة للتقسيم" كما ورد في قانونها الأساسي عام 1980. يوجد داخل الحدود البلدية للقدس ثمانمائة ألف نسمة، منهم ثلاثمائة ألف عربي. تضاعف عدد السكان العرب في القدس أربع مرات منذ عام 1967، بينما تضاعف عدد السكان اليهود فيها مرتين ونصف خلال الفترة نفسها. إذاً، هناك مقاومة سكانية فلسطينية قوية جداً. يتعرض الوضع في المدينة القديمة إلى الكثير من التوترات: يوجد فيها ستة وثلاثون ألف نسمة منهم ستة وعشرين ألف مسلم وستة ألاف مسيحي وأربعة ألاف يهودي. إن العديد من اليهود المتدينين الذين نراهم يتجولون يومياً في المدينة القديمة لا يسكنون فيها في أغلب الأحيان. يجب التمييز جيداً بين الفضاء المرئي والديني والرمزي وبين الفضاء الحياتي والسكني. إن هذا الوضع السكاني في القدس يساهم في عودة التوسع الاستيطاني السكاني الذي يشنه الإسرائيليون خارج المدينة. إن "حزام المستوطنات" حول القدس يسمح لهم بمواصلة المعركة السكانية التي خسروها داخل المدينة.
سؤال: هل القدس محكومة بأن تكون مسرحاً لأعمال العنف؟
فانسان لومير: لقد تم تجنب مسألة القدس عمداً خلال اتفاقيات أوسلو عام 1993، ويمكن الاعتقاد أن أحد أسباب فشلها هو لأنها لم تعالج المسألة المحورية للقدس ومسألة اللاجئين. بالتأكيد، هناك اليوم ضغط على القدس من قبل اليهود الأكثر تديناً الذين يقيمون في الأحياء العربية في القدس الشرقية مثل السلوان والشيخ جراح، وسيقوم بعض النواب حول موشي فيجلين Moshe Feiglin بالصلاة في ساحة المساجد... هناك حركة متطرفة تتسع حول الحاخام يهودا غليك Yehuda Glick، وتعمل هذه الحركة التي تعرضت إلى عملية تفجير الأسبوع الماضي من اجل بناء هيكل سليمان الثالث على ساحة المساجد.  أنا أعمل في القدس منذ ستة عشرة عاماً، ورأيت بوضوح هذه الحركة تتسع خلال الأشهر الأخيرة. في مواجهتها، يرد الفلسطينيون بقوة، والسؤال هو معرفة فيما إذا اختارت حماس أن تجعل من القدس مسرحاً جديداً للعمليات، الأمر الذي سيسمح لها بالخروج من فخ غزة. يجب أيضاً الأخذ بعين الاعتبار تأثير الأجيال داخل الشباب الفلسطينيين الغاضبين من استمرار الاحتلال: بدأت الانتفاضة الأولى عام 1987، والثانية بعد ثلاثة عشرة عاماً عام 2000، ويعتمد منطق الأجيال اليوم على إمكانية الانتفاضة الثالثة.
سؤال: قال الكاتب جيدون ليفي Gideon Levy في صحيفة هاآرتز مؤخراً أنه "يكره" القدس، وأنها مدينة "لا أخلاقية". ما هو رأيكم بذلك؟
فانسان لومير: تغيرت القدس. إنها تتحول، وليس بالضرورة نحو الأفضل. أدى انتشار العقيدة الدينية المتطرفة لدى السكان اليهود في القدس الغربية إلى رحيل العديد من العلمانيين. تستمر عملية التهميش والإفقار في القدس الشرقية، ويزداد التوتر الاجتماعي والسياسي أكثر فأكثر بشكل ميكانيكي. إن جيدون ليفي بصفته مواطن إسرائيلي يساري لا يتحمل هذا العنف. أنا مواطن أوروبي، ويمكنني التنقل بحرية في كل مكان، وأشاهد هذا التوتر يتصاعد باستمرار في كل مكان. إن تراموي القدس هو مثال صارخ: لقد تم تدشينه قبل ثلاث سنوات لإزالة حدود ما قبل عام 1967، ولكن هذا "القطار الشبح" في القدس المقسمة أدى إلى انبعاث خط الجبهة القديم أكثر من أي وقت مضى، وأصبح مستهدفاً بشكل منطقي، إنه قطار العنف والمواجهات.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق