الصفحات

الأحد، ٩ تشرين الثاني ٢٠١٤

تقرير عن الصحف والمجلات الرئيسية في فرنسا

     تواجه الصحف والمجلات الفرنسية صعوبات مالية منذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، وتراجعت مبيعات النسخ الورقية مقابل تزايد الإقبال على النسخة الرقمية. لجأت الصحف والمجلات الفرنسية إلى رفع سعرها أو تسريح عمالها لتجاوز أزماتها دون جدوى، الأمر الذي اضطر بعضها مثل اللوموند والليبراسيون والنوفيل أوبسرفاتور (التي أصبح اسمها "لوبس" l’OBS منذ يوم الخميس 23 تشرين الأول 2014) إلى الاستعانة بمساهمين جدد اشتروا أغلبية أسهم هذه الصحف. أدى دخول المساهمين الجدد إلى سيطرة التيار الليبرالي على جميع الصحف والمجلات الفرنسية تقريباً سواء على الصعيد الاقتصادي من حيث تشجيع ما يسمى باقتصاد العرض القائم على تراجع دور الدولة في الاقتصاد ودعم الشركات من أجل تخفيض كلفة انتاجها، أو على الصعيد الاجتماعي من حيث المساواة بين الرجل والمرأة والاعتراف بالزواج المثلي وإعطاء المثليين جميع الحقوق الموجودة في عقود الزواج العادية مثل حق التبني والتوريث والإنجاب عبر أطفال الأنابيب أو حتى الإنجاب عن طريق إمرأة أجنبية،  ولكن باستثناء صحيفة الفيغارو التي تؤيد التيار الليبرالي على الصعيد الاقتصادي والتيار المحافظ على الصعيد الاجتماعي. فيما يتعلق بتوجه الصحف والمجلات الفرنسية إزاء سورية وإيران وروسيا، يُلاحظ أن جميعها تتبنى الموقف الفرنسي الرسمي باستثناء صحيفة الفيغارو التي تسمح  بنشر بعض المقالات التي تنتقد التوجه الرسمي للسياسة الخارجية الفرنسية دون أن يصل ذلك إلى حد القطيعة مع الموقف الفرنسي الرسمي.
     تحصل الصحف والمجلات الفرنسية على إعانات حكومية هامة بشكل مباشر أو غير مباشر. صدر تقرير عن وزارة الثقافة الفرنسية في شهر كانون الأول 2013 حول حجم المساعدات الحكومية السنوية إلى الصحف والمجلات الفرنسية، وأشار التقرير إلى أن صحيفة اللوموند حصلت على 18.6 مليون يورو، وصحيفة الفيغارو على 18.2 مليون يورو، وصحيفة الليبراسيون على عشرة ملايين يورو، ومجلة النوفيل أوبسرفاتور على 9.3 مليون يورو، ومجلة اللوبوان على 4.5 مليون يورو بالإضافة إلى الإعانات المقدمة  لها من وزارة الثقافة والإعلام. تقوم هذه المساعدات بدور هام في بقاء الصحافة الفرنسية على قيد الحياة، ولاسيما عند مقارنتها مع رأسمال الصحف والمجلات الفرنسية. على سبيل المثال، يبلغ رأسمال صحيفة اللوموند 94.6 مليون يورو، ورأسمال صحيفة الليبراسيون 15.56 مليون يورو، ورأسمال صحيفة الفيغارو 16.8 مليون يورو.
     تحتل صحيفة الفيغارو المرتبة الأولى في قائمة الصحف الأكثر مبيعاً في فرنسا عام 2014 (312.549 نسخة يومياً)، تليها صحيفة اللوموند في المرتبة الثانية (273.607 نسخة يومياً)، واحتلت صحيفة الليبراسيون المرتبة السابعة (94.509 نسخة يومياً). فيما يتعلق بالمجلات الأسبوعية، يبلغ عدد النسخة المباعة لمجلة اللوبوان 409.404 نسخة أسبوعياً، و مجلة لوبس 505.593 نسخة أسبوعياً.
1 ـ صحيفة اللوموند.
     تأسست عام 1944. كانت صحيفة اللوموند معروفة قبل عدة سنوات بموقفها الوسط بين الأحزاب الفرنسية، وأن الصحفيين هم الذين يقررون سياسة الصحيفة لأنهم كانوا يملكون أغلبية أسهمها، وذلك حتى قام ثلاثة رجال أعمال هم: بيير بيرجيه Pierre Bergé وكزافييه نييل Xavier Niel والمدير العام لمصرف لازار Lazard  في فرنسا ماتيو بيغاس Mathieu Pigasse بشراء أغلبية أسهم الصحيفة بتاريخ تاريخ 2 تشرين الثاني 2010 بمبلغ قدرة مئة وعشرة ملايين يورو. يتمتع هؤلاء المالكين الجدد للصحيفة بعلاقة جيدة مع الحزب الاشتراكي. في ذلك الوقت، حاول نيكولا ساركوزي عندما كان رئيساً منع هذا الثلاثي من شراء هذه المجلة دون جدوى. تحولت اللوموند بعد ذلك إلى منبر صريح ضد نيكولا ساركوزي بشكل خاص وأحزاب اليمين بشكل عام، ولاسيما في الأشهر الماضية عندما نشرت اللوموند العديد من المقالات حول قضايا الفساد والمحسوبية التي تلاحق نيكولا ساركوزي منذ انتهاء ولايته. قام بإعداد هذه المقالات الصحفيان جيرار دافيه Gérard Davet وفابريس لوم Fabrice Lhomme اللذان يتمتعان بعلاقة جيدة مع قصر الإليزيه بشكل سمح لهما بانتهاك مبدأ سرية ملفات التحقيق في القضايا المتعلقة بنيكولا ساركوزي، ونشرها في الصحيفة مستفيدين من حق الصحفي بعدم الكشف عن مصدر معلوماته. تهدف هذه المقالات إلى منع الرئيس السابق نيكولا ساركوزي من ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة عام 2017 بعد أن أعلن عن عودته للعمل السياسي بتاريخ 19 أيلول 2014، وترشيح نفسه للمشاركة في انتخاب رئيس جديد لحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية بتاريخ 29 تشرين الثاني 2014.
      كتبت فاليري ترييرفيلر Valérie Trierweiler، الزوجة السابقة لفرانسوا هولاند (عاشت معه لفترة تسعة سنوات ولكنهما لم يتزوجا بشكل رسمي)، في كتابها الأخير الذي صدر بتاريخ 4 أيلول 2014 وأثار ضجة كبيرة في فرنسا أن فرانسوا هولاند قال أن صحيفة اللوموند أصبحت صحيفته. من الجدير بالذكر أن هذه الكتاب تطرق إلى الحياة الشخصية للرئيس الفرنسي مع فاليري ترييرفيلر، وتضمن انتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي منها أنه يستهزئ بالفقراء ويسميهم بأنهم "بدون أسنان" Sans Dent. اعتبر المحللون أن هذا الكتاب لا يتحلى بالمصداقية على الرغم من الإقبال الواسع على شرائه من قبل القراء، وأنه يمثل انتقاماً من فرانسوا هولاند لأنه أنهى علاقته رسمياً مع فاليري ترييرفيلر بتاريخ 25 كانون الثاني 2014 عبر بيان رسمي مقتضب نشره الموقع الإلكتروني لقصر الإليزيه بعد اكتشاف علاقته مع ممثلة فرنسية أخرى اسمها جولي غاييه Julie Gayet.
     قام المالكون الجدد لصحيفة اللوموند بإقالة مدير التحرير إريك فوتورينو Eric Fottorino في شهر كانون الأول 2010، وحل مكانه في شهر شباط 2011 إريك إسرائيلوفيتش Eric Izraelevicz الذي توفي في مكتبه بتاريخ 27 تشرين الثاني 2012. تم تكليف الصحفية ناتالي نوغايرد Natalie Nougayrède بإدارة الصحيفة في شهر آذار 2013، وولكنها استقالت في شهر أيار 2014 بسبب خلافات داخلية، وانتقلت للعمل في صحيفة الغارديان البريطانية اعتبارا من شهر تشرين الأول 2014. يقوم حالياً الصحفي جيل فان كوت Gilles van kote بإدارة شؤون الصحيفة بانتظار تكليف مدير جديد للصحيفة.
     من الجدير بالذكر أن الكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي المعروف بعدائه لسورية وللقضية الفلسطينية أصبح عضواً من مجلس رقابة Conseil de surveillance صحيفة اللوموند منذ شهر تشرين الأول 2010، كما أنه عضو في مجلس رقابة صحيفة الليبراسيون ومجلس رقابة تلفزيون ARTE الفرنسي ـ الألماني. يقوم مجلس الرقابة بتعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة الصحيفة، كما يقوم مجلس الرقابة بمناقشة الاستراتيجية العامة للصحيفة، ويجب أن تحصل هذه الاستراتيجية على موافقته.
2 ـ صحيفة الفيغارو.
     تأسست عام 1826. تمثل صحيفة الفيغارو تيار اليمين ويمين ـ الوسط المحافظ، وأغلب قراءها من مؤيدي اليمين، وينتمي الجزء الأساسي منهم إلى الطبقة الوسطى والأطر العليا وصغار رجال الأعمال. يملك صحيفة الفيغارو منذ عام 2004 الصناعي وعضو مجلس الشيوخ سيرج داسو Serge Dassault عبر الشركة الأم Socpresse التي يملك سيرج داسو جميع أسهمها. تم تفكيك شركة Socpresse عام 2005، وأصبح اسمها الرسمي "شركة داسو للإعلام" Dassault Média. احتج صحفيو الفيغارو في شهر شباط 2012 على التوجه العام لصحيفتهم، واعتبروا أنه يمثل دعماً هاماً لجميع حكومات اليمين التي تعاقبت في فرنسا منذ عام 2000. قال مدير تحرير الصحيفة أليكسيس بريزيه Alexis Brézet في شهر آذار 2013 حول جوهر الصحيفة التي يديرها: "إنها ليبرالية ولكن ليست عقائدية، إنها محافظة ولكن لا تتشبث بالماضي، إنها تحرص على الدفاع عن الثقافة الفرنسية ولكنها منفتحة على العالم".
     تركزت انتقادات الصحفيين في الفيغارو حول بعض التصريحات التي أدلى بها سيرج داسو منذ شرائه للصحيفة عام 2004 مثل: "يجب أن تمتلك شركاتي الصناعية صحيفة أو مجلة أسبوعية من أجل التعبير عن رأيها"، "تسمح الصحيفة بتمرير بعض الأفكار السليمة"، "على سبيل المثال، إن أفكار اليسار ليست أفكاراً سليمة". نشرت نقابة الصحفيين في الفيغارو في شهر تشرين الأول 2008 بياناً أعربت فيه عن قلقها من غياب الاستقلالية داخل إدارة الصحيفة حول السياسة التي كانت تتبعها حكومة نيكولا ساركوزي وحول مصالح شركات سيرج داسو في فرنسا والعالم.
3 ـ صحيفة الليبراسيون.
     تأسست صحيفة الليبراسيون عام 1973 تحت رعاية الفيلسوف المعروف جان بول سارتر وبعض الكتاب والصحفيين الفرنسيين. كانت الليبراسيون تمثل اليسار المتطرف في بداياتها، ثم تحولت إلى نحو اليسار الاجتماعي ـ الديموقراطي في نهاية السبعينيات، وأصبحت حالياً ضمن تيار يسار الوسط في المشهد السياسي الفرنسي. يملك أغلبية أسهم الصحيفة منذ نهاية عام 2011 (85 %) رجل الأعمال برونو لودو Bruno Ledoux الذي يملك مبنى الصحيفة ورجل الأعمال الفرنسي ـ الإسرائيلي باتريك دراهي Patrick Drahi الذي يملك شركة الاتصالات الفرنسية Numéricable واشترى مؤخراً شركة الاتصالات الفرنسية SFR.
     تعاقب على إدارة الصحيفة العديد من الأشخاص تبعاً لتغير مالكي أسهمها وللأزمات المالية والداخلية التي شهدتها الصحيفة منذ تأسيسها، وهم: جان بول سارتر Jean-Paul Sartre وجان كلود فيرنييه Jean-Claude Vernier، ثم سيرج جولي Serge July ولوران جوفران Laurent Joffrin الذي كان مدير تحرير مجلة النوفل أوبسرفاتور ونيكولا دوموران  Nicolas Demorandثم عاد لوران جوفران إلى إدارة الصحيفة منذ شهر تموز 2014.
     تعاقب على ملكية الصحيفة منذ بداية الثمانينيات العديد من رجال الأعمال هم: كلود ألفانديري Claude Alphandéry مع بعض رجال الأعمال اليساريين عام 1982، ثم رجل الأعمال جيروم سيدو Gérôme Sedoux عام 1995، ثم رجل الأعمال إدوارد دو روتشيلد Edouard de Rothschild عام 2005 حتى نهاية عام 2011.
4 ـ مجلة النوفيل أوبسرفاتور (لوبس).
     تأسست المجلة عام 1964 بواسطة الصناعي كلود بيردرييل Claude Perdriel والصحفي والكاتب جان دانييل Jean Daniel الذي قام بإدارة المجلة حتى عام 2008 عندما حل مكانه دوني أوليفيين Denis Oliviennes، ثم تم تعيين لوران جوفران مدير عاماً للمجلة في شهر آذار 2011 حتى شهرتموز 2014، وحل مكانه ماتيو كرواسندو Matthieu Croissandeau. كان التوجه الصحفي للمجلة منذ بداياتها يسارياً، ثم تحولت نحو اليسار الديموقراطي ـ الاجتماعي الأكثر ليبرالية.
     تعرضت المجلة إلى أزمة مالية في نهاية عام 2013، فقام الثلاثي كزافييه نيل وبيير بيرجيه وماتيو بيغاس الذين يملكون أغلبية أسهم صحيفة اللوموند بشراء 65 % من أسهم مجلة النوفيل أوبسرفاتور بمبلغ قدره 13.4 مليون يورو. أدت التغييرات الأخيرة في الإدارة والملكية إلى تغيير اسم المجلة بتاريخ 23 تشرين الأول 2014، وأصبح اسمها: لوبس (L’OBS).
5 ـ مجلة اللوبوان.
     تأسست المجلة عام 1972 تحت إدارة جان جاك سيرفان شريبر Jean-Jacques Servan-Schreiber. كانت المجلة تحت إدارة فرانز أوليفييه جيزبير Franz-Olivier Giesbert حتى شهر كانون الثاني 2014 عندما أعلن أنه سيتخلى طوعاً عن عمله، وحل مكانه إيتيين جيرنيل Etienne Gernelle. تفتح هذه المجلة الباب أمام جميع الآراء السياسية عبر المقابلات والتحليلات، ومن المتفق عليه أن توجهها السياسي يغلب عليه التيار المحافظ والليبرالي. يملك أغلبية أسهم هذه المجلة منذ عام 1997 رجل الأعمال الفرنسي فرانسوا بينو François Pinault المعروف بقربه من جاك شيراك. من الجدير بالذكر  أن الكاتب والفيلسوف برنار هنري ليفي يكتب مقالاً أسبوعياً في هذه المجلة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق