الصفحات

الأربعاء، ٢٦ تشرين الثاني ٢٠١٤

(شبح بريطانيا غير قابلة للحكم في مواجهة الأحزاب المتطرفة)

صحيفة الفيغارو 24 تشرين الثاني 2014 بقلم مراسلها في لندن فلورانتان كولومب Florentin Collomp

     اعتاد الحزبان التقليديان الحاكمان في بريطانيا حزب المحافظين وحزب العمال على الفوز بـ 90 % من أصوات الناخبين،  ولكنهما يجدان صعوبة حالياً في الفوز بـ 65 % من أصوات الناخبين. إن أياً من الحزبين غير قادر على الفوز بالأغلبية المطلقة في الانتخابات القادمة. إن الريبة بالمؤسسة السياسية تشجع على صعود الأحزاب المتطرفة والقوميين والأحزاب الهامشية.
     إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الانشقاقات الهامة لبعض نواب حزب المحافظين وانضمامهم إلى الحزب المعادي لأوروبا UKIP (United Kingdom Independence Party)، فإن طبيعة الحياة السياسية البريطانية ونظامها الانتخابي يبدو أنهما على وشك الانهيار تجاه تشتت أصوات الناخبين. يمثل النظام السياسي البريطاني ركيزة للاستقرار في الأزمة التي تواجهها أوروبا، ولكنه بدأ مرحلة من التردد العميق. إن الأحزاب والمحللين السياسيين غارقين في ورطة الحيرة تجاه النتائج المنتظرة للانتخابات العامة في شهر أيار القادم. قال رئيس معهد استطلاعات الرأي YouGov بيتر كيلنر Peter Kellner أنه "لم يشهد إطلاقاً مثل هذا المستوى من الحيرة قبل فترة قصيرة من الانتخابات".
     أدت نجاحات حزب UKIP إلى إعادة خلط الأوراق. إنه حزب مهووس بعدائه لأوروبا، وتشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أنه يحافظ على أكثر من 15 % من الأصوات بشكل يسمح له بالفوز بعشرة أو عشرين معقداً في البرلمان البريطاني، وذلك على حساب مقاعد الحزب المحافظ بشكل أساسي. النتيجة، من الممكن أن يخسر المحافظون بزعامة دافيد كاميرون فرصتهم في الفوز بالانتخابات القادمة على الرغم من الانتعاش الاقتصادي.
     في المقابل، هناك حزب العمال بزعامة إد ميليباند Ed Miliband الذي يفتقد للكاريزما، ولا يتمتع بالشعبية، ويتعرض للانتقاد داخل حزبه، ولم ينجح بالاستفادة من حالة عدم الرضى تجاه الحكومة كما هو مفترض بالنسبة لحزب معارض. يتعرض حزب العمال للمنافسة أيضاً من قبل حزب UKIP لدى الطبقة العمالية، كما يتعرض للتهديد في الشمال من قبل القوميين الاسكتلنديين الذين ازدادت شعبيتهم على الرغم فشل الاستفتاء حول استقلال اسكتلندا. أصبح الحزب الوطني الاسكتلندي Scottish National Party الحزب الثالث في بريطانيا، ومن الممكن أن يحصل على خمسين مقعداً في غرفة العموم على حساب حزب العمال.
     انهار الليبراليون ـ الديموقراطيون بعد مشاركتهم في التحالف الحكومي مع حزب المحافظين، وحصل حزب الخضر على جزء من الأصوات التي خسرها حزب العمال. لقد تراجع حكم الحزبين، وفسح المجال أمام ظهور العديد من الأحزاب كما هو الحال في فرنسا وألمانيا وإيطاليا. يعتبر دينيس ماكشين Denis MacShane، وزير سابق في حكومة طوني بلير، أن هذا الوضع يُذكر بالوضع في فرنسا أثناء الجمهورية الرابعة بين عامي 1946 و1958، أي: "الكثير من أحزاب المعارضة، والقليل من الاقتراحات".
     إذاً، يتجه الوضع نحو برلمان بدون أغلبية. يعتمد النظام الانتخابي البريطاني على تنظيم انتخابات من دورة واحدة، وهو ليس مهيئاً لضمان التمثيل النسبي للناخبين المشتتين داخل تحالف واحد. من الممكن أن تظهر تحالفات جديدة غير مسبوقة وأكثر خطورة بعد التحالف الهش بين المحافظين والليبراليين ـ الديموقراطيين. يشعر حزب UKIP بالسرور لأنه أصبح صانع الملوك، ويملي شروطه لدعم الحكومة القادمة، أي تنظيم استفتاء حول أوروبا في صيف عام 2015. من الممكن أن يتحول الحزب الوطني الاسكتلندي أيضاً إلى قوة للارتكاز عليها، ولكن دون أن يغيب عن الذهن هدفه النهائي المتمثل باستقلال اسكتلندا. إن وجود حكومة غير مستقرة ومشتتة بين العديد من الأحزاب المتعارضة سيُعرض الحكومة إلى خطر سقوطها بعد عدة أشهر من وصولها إلى السلطة. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق