الصفحات

الخميس، ٢٧ آذار ٢٠١٤

(إسلاميو جبهة النصرة يتسللون إلى شمال سورية)

صحيفة الليبراسيون 27 آذار 2014 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     استطاع المتمردون الوصول إلى البحر المتوسط للمرة الأولى بعد الهجوم المفاجىء الذي سمح لهم يوم الثلاثاء 25 آذار بالسيطرة على قرية سمرة المطلة على البحر. كان المتمردون قد استولوا قبل ذلك على منطقة كسب الأرمنية بالقرب من الحدود مع تركيا، وأصبحوا يسيطرون على مركزها الحدودي. تضم منطقة كسب حوالي خمسة آلاف نسمة، ثلثيها من الأرمن والباقي من العلويين. إن سيطرة المتمردين على هذه المنطقة ستسمح لهم بالتقدم باتجاه اللاذقية. أشار الباحث فابريس بالانش Fabrice Balanche مدير مجموعة الأبحاث والدراسات حول البحر المتوسط والشرق الأوسط إلى أن المتمردين عبروا الحدود نحو غرب وجنوب ـ شرق كسب من أجل محاصرتها وقطع الطرق التي تصلها بمدينة اللاذقية. إذاً، إنها هزيمة للنظام باعتبار أن اللاذقية وطرطوس هما من المعاقل الهامة للنظام وعائلة الأسد. ولكن أحد مصادر النظام أكد إلى وكالة الأنباء الفرنسية AFP أن الجيش السوري ما زال يسيطر على الجبال المحيطة بقرية سمرة وأن "المعارك الضارية" ما زالت مستمرة.
     قام بشن هذا الهجوم انطلاقاً من تركيا كل من متمردي جبهة النصرة ـ الفرع السوري لتنظيم القاعدة بالتحالف مع بعض المجموعات الإسلامية الأخرى وبعض الجهاديين الأجانب. تشير المعلومات التي حصلت عليها صحيفة الليبراسيون إلى أن المتمردين يبدو أنهم استفادوا من دعم بعض الدبابات التي ربما أرسلتها السعودية، وسمحت تركيا بمرورها عبر أراضيها. إن هذا الهجوم هو النجاح الأول للمتمردين بعد عدة أشهر من الهزائم، ولاسيما في منطقة القلمون التي استعادتها قوات النظام بفضل الدعم الحاسم الذي قدمه حزب الله. إنه أيضاً فشل للجيش السوري الحر الذي يمثل أحد المكونات القومية للمعارضة، فهو لم يشارك في الهجوم على كسب. قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوري الحر في فرنسا فهد المصري: "إنه ليس نجاحاً للتمرد. ليست هناك أية فائدة من هذا الهجوم. بل على العكس، إنه في مصلحة النظام الذي سيستغله لتخويف المسيحيين الأرمن والعلويين".
    كسب هي إحدى المدن الأرمنية النادرة التي نجت بإعجاز من مجزرة الإبادة التي نظمتها السلطات التركية (من شهر نيسان 1915 حتى شهر تموز 1916) بسبب انعزالها بلا شك. قامت فرنسا بفصل كسب عن لواء اسكندرون عندما تنازلت عنه إلى تركيا عام 1939، وذلك خشية من طرد سكانها كما حصل مع المدن الأرمنية في موسى داغ (Mussa Dagh).
     يُذكّر سيناريو كسب بما حصل في رأس العين خلال شهر كانون الأول 2012، عندما دعمت تركيا هجوم بعض الإسلاميين ضد هذه المدينة الكردية في شمال ـ شرق سورية. هذا هو السبب في المخاوف التي أعرب عنها فابريس بالانش قائلاً: "إن السيطرة على المركز الحدودي ليست إلا ذريعة، إنها استراتيجية تطهير عرقي ضد السكان الأرمن في كسب. إن الجزء الأكبر من القوات المتمردة يتألف من السكان التركمان في المنطقة. قُتِل أحد قادة العملية في بداية الهجوم، ويدعى أبو صهيب التركماني. يحمل هجوم المتمردين اسم (أنفال) للتذكير بالهجوم الذي شنه صدام حسين ضد الأكراد خلال سنوات الثمانينيات". لا يوافق جميع المحللين على هذا الرأي، ويعتبر بعضهم أن وقوع الهجوم ضد منطقة ذات أغلبية أرمنية هو بمحض الصدفة. في بعض أفلام الفيديو الصادرة عن المتمردين، يمكن مشاهدتهم وهم يحمون إحدى الكنائس، ويُطمئنون بعض السكان العجزة غير القادرين على الهرب.

     قُتِل يوم الأحد 23 آذار ابن عم بشار الأسد مع سبعة من مقاتليه، إنه هلال الأسد الذي كان يقود قوات الدفاع الوطني في اللاذقية. الأمر الذي يدعو للدهشة هو مدى اتساع الدعم الذي قدمته الحكومة التركية (التي تواجه انتخابات بلدية صعبة يوم الأحد 30 آذار) إلى ميليشيات جبهة النصرة التي استطاعت المرور عبر الأراضي التركية واستفادت من الحماية الجوية للجيش التركي. أكد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو البارحة 26 آذار أن أنقرة مستعدة للقيام بعمليات عسكرية تتجاوز حدودها. يأتي هذا التصريح بعد التهديد الذي وجهته الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، المنافس الأكبر لجبهة النصرة، بتفجير ضريح سليمان شاه، جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية، الواقع داخل الأراضي السورية على مسافة 25 كيلومتراً من الحدود مع تركيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق