الصفحات

الجمعة، ١٩ تموز ٢٠١٣

(يجب على الغرب الانخراط في الشرق الأوسط)

صحيفة الفيغارو 18 تموز 2013 بقلم رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير

     تُمثل الأحداث الأخيرة في مصر مثالاً حول كيف يمكن أن تتفاعل الديموقراطية والمظاهرات والفعالية الحكومية. الديموقراطية هي وسيلة لاتخاذ قرار من سيكون صاحب القرار، وليست بديلاً عن عملية اتخاذ القرار. تحاورت مع بعض الشباب المصريين بعد فترة قصيرة من سقوط مبارك عام 2011، كانوا يعتقدون أن الديموقراطية ستحل جميع المشاكل. عندما سألتهم كيف يجب أن تكون السياسة الاقتصادية لمصر، أجابوني بأنه لا يهم ما هي السياسة المتبعة باعتبار أنهم حصلوا الآن على الديموقراطية. كانت لديهم بعض الأفكار الاقتصادية اليسارية التي ليست هناك أية فرصة لنجاحها.
     أنا من مؤيدي الديموقراطية بشكل كامل، ولكن الحصول على الديموقراطية لا يضمن فعالية الحكومة. إن التحدي اليوم هو تحدي الفعالية. عندما لا تكون الحكومة فعالة، لا يريد الشعب الانتظار حتى يحين موعد الانتخابات القادمة، وينزل إلى الشارع للتظاهر. إن المظاهرات ليست سياسة، والشعارات ليست برنامجاً حكومياً.
     يجري في الشرق الأوسط للمرة الأولى نقاشاً حول دور الدين في السياسة. يبدو أن الجزء الأكبر من هذه المنطقة يؤيد حكومة لا تعطي دوراً مُهيمناً للدين. بالنسبة لدولة مثل مصر، ليس هناك مستقبل في دولة إسلامية تتطلع إلى الخلافة الإقليمية.
     ماذا يجب أن يفعل الغرب في مثل هذه الظروف؟ لا يمكن البقاء مكتوفي الأيدي، والابتعاد عن هذه المنطقة، كما أن استمرار الوضع القائم غير ممكن. ستكون نتائج الجمود باهظة الثمن. إذاً، لا يستطيع الغرب السماح بانهيار مصر، ويجب عليه نسج العلاقات مع السلطة الجديدة ومساعدتها على القيام بالتغييرات الضرورية ولاسيما على الصعيد الاقتصادي من أجل خدمة المواطنين المصريين.
     يجب أن ينخرط الغرب أيضاً في المنطقة. إن أسوأ الأمور التي يمكن أن تحصل في سورية هي تقسيم البلد، وهو أمر غير مقبول: وذلك مع دولة سنية متطرفة وفقيرة في الشرق، وبدون منفذ على البحر، ودون أن تحصل على أي جزء من ثروات البلد. في هذه الحالة، سيواجه لبنان اضطراباً كبيراً، وسيتزعزع استقرار العراق بشكل أكبر مما هو عليه الآن. وكذلك الأمر بالنسبة للأردن الذي يتعرض لضغوط كبيرة، ولكن زعامة وشجاعة الملك حسين استطاعت احتواءها بما فيه مصلحة الجميع. يعتمد الجزء الذي سيبقى للرئيس السوري بشار الأسد على حزب الله، وهو منظمة إرهابية، وإيران. فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية، لا يمكن للعالم أن يسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي.
     يجب أن يبقى الغرب منخرطاً. يجب علينا اتخاذ القرارات على المدى الطويل، لأنه لا يوجد حل بسيط على المدى القصير. فيما يتعلق بالنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، يبذل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري جهوداً كبيرة: إذا كان الأمر هاماً، فيجب التحرك مهما كانت صعوبة الوضع.
     تجري حالياً عملية انتقالية طويلة الأمد في الشرق الأوسط. إنها عملية صعبة وبطيئة ومُكلفة. يعتبر الكثيرون في الغرب أنه لا يقع على عاتقنا التدخل، ولكن يجب علينا القيام بذلك. إنها معركة هامة للجميع. هنااك عامل إيجابي هو وجود ملايين الأشخاص بعقلية معاصرة وفكر منفتح في الشرق الأوسط. يجب أن يعرفوا بأننا نقف إلى جانبهم، وأننا حلفاءهم، وأننا مستعدون لدفع الثمن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق