الصفحات

الاثنين، ٢٥ آب ٢٠١٤

(الأسد يريد استخدام مكافحة الدولة الإسلامية لاستعادة الحظوة)

صحيفة اللوموند 24 ـ 25 آب 2014 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     استفاق النظام السوري في الوقت المناسب منذ عدة أسابيع، وشن حملة من القصف الجوي ضد مواقع الدولة الإسلامية في معقلها بالرقة، وذلك بعد أن تجاهل التهديد الذي تمثله هذه المجموعة الجهادية منذ أكثر من عام. قامت طائرات بشار الأسد بغارات مكثفة ضد مواقع الدولة الإسلامية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي (16 و17 آب)، وذلك في الوقت نفسه الذي كانت فيه الطائرات الأمريكية تقصف مواقع الدولة الإسلامية بالقرب من الموصل لتحرير سد الموصل لإنتاج الكهرباء من أيدي المتطرفين. إنها محاكاة غربية على طرفي الحدود من قبل طرفين يكرهان بعضهما البعض عادة.
     كان النظام يركز هجماته منذ بداية التمرد السوري في شهر آذار 2011 على الأحياء المدنية المؤيدة للتمرد وعلى المجموعات المسلحة للمعارضة الليبرالية أو الإسلامية، ولكنه لم يهاجم أبداً الدولة الإسلامية التي ظهرت إلى العلن في سورية في بداية عام 2013. كما لو أنه كان يريد السماح بازدهار هذه المجموعة التي يعرف إمكانيتها في إلحاق الضرر بنظر الرأي العام الغربي وكذلك إلحاق الضرر بالسكان والمتمردين في المناطق الخاضعة لها. إن المتمردين الذين قتلتهم وسجنتهم داعش في سورية يعادل عدد الذين قتلهم النظام تقريباً منذ شهر كانون الثاني، وذلك لدرجة توجيه الاتهام إلى هذه المجموعة بأنها مخلوق متوحش خلقه النظام.
     كان بشار الأسد يقول في بداية التمرد أنه يواجه تهديدا أصوليا قادما من الخارج، عندما كانت المظاهرات ما زالت سلمية وغير طائفية. الآن وبعد أن قام المتطرفين بعملهم، وأكدوا اتهاماته الخادعة، فإن الدكتاتور السوري ينوي الاستفادة من الصدمات التي أثارتها أعمال الترهيب من قبل الدولة الإسلامية لكي يعود من جديد إلى المجتمع الدولي الذي عامله كشخص منبوذ منذ عام 2011 باستثناء إيران وروسيا والصين.
     يعرف بشار الأسد أيضاً مثلما يعرف وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل أن المعركة "الشاملة" التي بدأتها الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية لا يمكن أن تتوقف على حدود العراق. تمكنت هذه المجموعة من التوسع وتعزيز قوتها عبر استخدام المناطق السورية التي تسيطر عليها في محافظات حلب واللاذقية والرقة ودير الزور كملجأ ومصدر للأرباح وحضن للتجنيد. تشير التقديرات التي نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية يوم الجمعة 22 آب إلى وجود اثني عشر ألف جهادي أجنبي في سورية جاؤوا من خمسين بلداً.
     لكن التدخل في سورية التي لم تُغامر أية دولة غربية في التدخل فيها، حتى في شهر آب عام 2013 عندما تجاوز نظام الأسد "الخط الأحمر" باستخدامه الأسلحة الكيميائية بشكل واسع، يمر عبر موافقة دمشق وعرابيها الدوليين الأقوياء الذين يمسكون بالدول الغربية عن طريق التدخل في أوكرانيا (كما هو الحال بالنسبة لروسيا) أو عن طريق استخدام الابتزاز بانتشار السلاح النووي (بالنسبة لإيران).
     يحظى بشار الأسد بدعم لا يمكن إهماله داخل الرأي العام الغربي اليميني واليساري وداخل الأوساط المسيحية، وذلك مع خطابه العلماني الخادع وإدعائه بالدفاع عن الأقليات الدينية. ولكن حصول تغيير مفاجئ في الدبلوماسية الغربية ما زال مستبعداً. ما زالت الولايات المتحدة تطالب ـ بدون إقناع ـ برحيله بعد مقتل مئة وتسعين ألف شخص وفقاً للتقديرات التي أعلنتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة يوم الجمعة 22 آب (تضاعف هذا العدد مرتين بالمقارنة مع العدد قبل عام). في لندن، استبعد وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أي تحالف مع النظام السوري باسم مكافحة الدولة الإسلامية، وأشار إلى أن هذا التحالف لن يكون "عملياً" ولا "حكيماً" ولا "نافعاً". بالنسبة لباريس، ما زال الرئيس فرانسوا هولاند مقتنعاً بأن خلاص سورية يمر عبر مساعدة المعارضة المعتدلة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق