الصفحات

الأحد، ٢٤ آب ٢٠١٤

(فرنسا تعتبر النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني ثانوياً)

صحيفة الليبراسيون 22 آب 2014 بقلم السفير الفرنسي السابق إيف أوبان دولاميسوزيير Yves Aubin De La Messuzière

      تعتبر السياسة الخارجية الفرنسية الحالية أن النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني قضية ثانوية منذ الاضطرابات في العالم العربي. أشار بعض المحللين إلى أنه يجب معالجة هذا النزاع كنزاع ذي حدّة منخفضة. تحدث فرانسوا هولاند في أول كلمة له في مؤتمر السفراء في شهر آب 2012 عن هذا النزاع عبر جملة مقتضبة تطرقت إلى أمن إسرائيل وحق الفلسطينيين في تقرير المصير بدون أية كلمة عن الدولة الفلسطينية. إنها عودة إلى لغة التصريحات الأوروبية في فينيسيا عام 1980 قبل اثنين وثلاثين عاماً!
      ماذا ننتظر من فرنسا التي وصفها لوران فابيوس بأنها قوة سلام؟ أولاً، يجب إسماع صوتها حول المأساة الحالية في غزة، وأن تقول الحق بشكل واضح بدون السعي إلى التوازن بأي ثمن في نزاع غير متوازن. نود سماعها تدعو إلى رفع الحصار الذي كنا نُدينه سابقاً، وإلى دعوة الأطراف المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة حول حماية الشعوب المحتلة. إن امتناع فرنسا عن التصويت في مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة على قرار بالتحقيق حول احتمال ارتكاب جرائم حرب من قبل إسرائيل وحماس، هو أمر لا يمكن فهمه.
      يجب على دبلوماسيتنا أن تبدأ حواراً سرياً وحازماً مع حماس من أجل تعزيز جناحها المعتدل. هناك تناقض بين الامتناع عن أي اتصال مع أحد أطراف النزاع، وأن نتوجه بالحديث له عبر الوسيط القطري الذي لا يمكن الوثوق به كثيراً، وهي وساطة تُزعج المصريين أيضاً. إن حماس عام 2014 ليست حماس التي قابلتها عام 2008 بناء على طلب برنار كوشنير، ولم يعد قادتها يدعون إلى تدمير إسرائيل، ويتحدثون عن فلسطين بحدود عام 1967.
      يجب أن تمتلك فرنسا رؤيتها الخاصة لحل شامل للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني بدون فصل مسألة غزة عن الضفة الغربية. لا يعني ذلك الانخراط في دبلوماسية بهلوانية، بل يعني طرح المبادئ الكبيرة والتذكير بأسس عملية السلام: أي قرارات الأمم المتحدة ولاسيما القرار رقم 242 باعتباره القاعدة الأساسية لقرارات مجلس الأمن الداعية للسلام مقابل الأراضي المحتلة عام 1967.
     الأولوية هي التحرك داخل الاتحاد الأوروبي بدون السعي إلى توافق يصعب تحقيقه مع ثماني وعشرين دولة. الأمر الأساسي هو خلق ديناميكية جديدة من خلال تبادل وجهات نظرنا في المرحلة الأولى مع شركائنا الأوروبيين الرئيسيين: أي ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا. إن الرهان هو تغيير المنهج واختيار وسائل جديدة للمفاوضات. وصلت جولات المفاوضات الثنائية تحت رعاية واشنطن إلى مآزق. أظهرت اللجنة الرباعية عدم فائدتها مع طوني بلير المهتم كثيراً بتنمية أعماله التجارية.
     إن احتمال السلام المفروض الذي دعا إليه لوران فابيوس سيمر بالضرورة عبر مؤتمر دولي يضم الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بالإضافة إلى العديد من القوى الإقليمية بحضور الطرفين. إن معايير الحل الشامل معروفة، وهي قريبة من معايير كامب ديفيد واتفاق طابا (2000 ـ 2001). ستكون الولايات المتحدة وأوروبا قادرتين معاً على إجبار نتنياهو. في الحقيقة، أصبح موقف إسرائيل ضعيفاً خلال الأشهر الأخيرة، وتأثر بالعلاقة المتوترة مع واشنطن، وتظهر بعض المؤشرات على التوتر مع الاتحاد الأوروبي بسبب مسألة الاستيطان. إن صداقتنا مع إسرائيل التي أكدها فرانسوا هولاند بقوة خلال زيارته الأخيرة يجب أن تسمح لنا بالحديث بلغة صريحة من أجل الإشارة إلى مخاطر تزايد عزلة الدولة العبرية وتعرضها إلى حملات المقاطعة والظهور كدولة تمييز عنصري، ولم يعد هذا المصطلح محرماً حتى في الولايات المتحدة.

     إن تعبئة الدبلوماسية الفرنسية لصالح الأقليات المهددة بالإبادة في العراق يجب ألا تمنعنا عن محاولة فتح أفق  الحل حول المسألة الفلسطينية ـ الإسرائيلية "أم النزاعات" في المنطقة. ربما سيكون مؤتمر السفراء الذي سينعقد يوم الاثنين 25 آب فرصة لرئيس الجمهورية لإعطاء رؤيته للسلام في الشرق الأوسط. ومن المفترض أن تسنح الفرصة أيضاً خلال الاجتماع القادم للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ستُطرح فيه مرة أخرى مسألة قبول فلسطين كعضو كامل العضوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق