الصفحات

السبت، ٢٣ آب ٢٠١٤

(أعداء أعدائنا)

افتتاحية صحيفة الفيغارو 23 آب 2014 بقلم فيليب جيلي Philippe Gélie

     بدأ الأمريكيون والأوروبيون يدركون حجم المعضلة التي تمثلها مكافحة الدولة الإسلامية. إن تصاعد قوة "الخلافة" في العراق هو نتيجة مباشرة للحرب الأهلية في سورية. ما دام الجهاديون يملكون قاعدة خلفية في بلد تسوده الفوضى، فمن المستحيل عمليا القضاء عليهم. يستطيع الجهاديون اللجوء إلى سورية لتجنب الضربات الجوية الأمريكية والحصول على الإمدادات وإعادة تنظيم صفوفهم.
     أصبح الإستراتيجيون الأمريكيون يعترفون بذلك: أصبح من الضروري القصف "في سورية أيضاً" من أجل التخلص من هذه المجموعة الإرهابية. لا شك أن أوباما ليس مرتاحاً لهذه النتيجة التي توصل إليها قادة البنتاغون، لأنه تخلى قبل عام تقريباً عن "الخط الأحمر" الذي حدده بنفسه، ولم يتحرك تجاه استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل نظام بشار الأسد. أدى هذه التراجع ليس فقط إلى إضعاف مصداقية الولايات المتحدة، بل حَرَمَ أيضاً المعارضة السورية "المعتدلة" من فرصتها الأخيرة للتغلب على القوتين الأكثر تدميراً في المنطقة: أي الأسد والإسلاميين.
     أصبح باراك أوباما مجبراً اليوم على إعداد تسلسل جديد لخصومه. تدعم إيران الحكومة الشيعية الجديدة التي أرادتها واشنطن في بغداد، ولكن بدون التوقف عن سباقها  نحو القنبلة النووية. كما أن دعم طهران إلى دمشق لم يعد إشكالياً. ومن سيحزن لقيام النظام السوري بتسريع هجومه ضد الدولة الإسلامية التي ساهم هذا النظام بخلقها عبر إخلاء سجونه من الجهاديين لإطلاقهم ضد المعارضة القومية؟

     ترتسم ملامح تحالفات جديدة ما زالت في بداياتها. ولكن هذا الغموض الكبير له ثمن: لم يصبح أعداء أعدائنا أصدقاءنا حتى الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق