الصفحات

الخميس، ٢١ آب ٢٠١٤

(مواجهة "الخلافة" تتطلب استراتيجية شاملة)

صحيفة الفيغارو 21 آب 2014 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     ما زالت باريس تعتبر أن التراجع المفاجئ لباراك أوباما في سورية قبل عام تقريباً، عندما رفض قصف النظام على الرغم من تجاوز الخط الأحمر حول الأسلحة الكيميائية، أدى إلى تفاقم الوضع عبر تعزيز قوة بشار الأسد وتغذية المعارضة الراديكالية. جاء الاغتيال البربري للصحفي الأمريكي ليُذكر بذلك: إن مصير النظامين الدكتاتوريين في العراق وسورية، مهد حزب البعث، مرتبط بالجهاديين، وإن تسلط هذين النظامين هو الذي تسبب ببروز المتطرفين.
     ارتكز توسع الدولة الإسلامية في العراق مؤخراً على قواعده في سورية. كانت هذه المجموعة المنبثقة عن تنظيم القاعدة في العراق قد ركزت كل جهودها في سورية منذ ثلاث سنوات، وأصبحت الحركة المعارضة الرئيسية ضد بشار الأسد. قال جوليان بارنيز داسي Julien Barnes-Dacey، الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية Conseil Européen pour les Relations Internationales: "إذا قرر الغرب أن يقاتل بجدية ضد الدولة الإسلامية في العراق، وأن يتخلى عن سورية، فإن ذلك ليس خياراً... من الواضح  أنه يجب تسوية الوضع في العراق، ويجب أيضاً تسوية الوضع في سورية على الرغم من الاختلافات بين النزاعين".
     أظهر الجهاديون نواقص استراتيجية أوباما عبر إظهار نواياهم بالرد على الأرض السورية لمواجهة تراجعهم السياسي والعسكري في العراق أمام القصف الأمريكي. إذا كانت مكافحة الطالبان في أفغانستان منذ عام 2001 قد فشلت، فإن السبب في هذا الفشل يعود في جزء كبير منه إلى عدم تقدير مدى دور الباكستان  المجاورة التي يتغذى المتمردون منها. ولكن يبدو أن الغرب أهمل العامل السوري في المسألة الجهادية منذ بداية الصيف.
     لاشك أن المسألة معقدة وحساسة، وهي تُعيدنا أيضاً إلى تناقضات السياسة الخارجية لباراك أوباما الذي يقصف الجهاديين في العراق ولا يقصفهم في سورية. وهكذا وجد باراك أوباما نفسه في معسكر بشار الأسد عندما يواجه الدولة الإسلامية، على الرغم من أن جزءاً من المجتمع الدولي يطالب برحيل بشار الأسد لأنه يعتبره مسؤولاً عن صعود التطرف في سورية. إن الضربات العسكرية الأمريكية التي تُضعف الجهاديين على الأرض ربما سُتعزز قوة الرئيس السوري. هل سيستفيد المتمردون المعتدلون من ذلك لملء الفرغ؟
     إن الأمر الوحيد الذي يبدو مؤكداً هو أن مكافحة الدولة الإسلامية يتطلب استراتيجية شاملة. يعتبر البعض أن الوقت ملائم: أي استخدام التوافق الدولي ضد الجهاديين في العراق من  أجل فرض مقاربة مشابهة، تضم دول المنطقة، في سورية المجاورة. إذا لم يتم التوصل إلى ذلك، فإن الغنغرينة ستنتشر إلى دول أخرى.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق