الصفحات

الجمعة، ٨ آب ٢٠١٤

(كردستان واحد أو عدة دول كردية أو عدم وجود كردستان)

صحيفة اللوموند 7 آب 2014 بقلم مراسلها في استانبول غيوم بيرييه Guillaume Perrier

     أصبح استقلال كردستان أكثر قرباً من أي وقت مضى. طلب رئيس المنطقة الكردية في العراق مسعود البارزاني من برلمانه بتاريخ 3 تموز اتخاذ الإجراءات الضرورية لتنظيم استفتاء حول حق تقرير المصير بأقرب وقت ممكن. سنحت الفرصة التي يحلم بها الأكراد عندما هرب الجيش العراقي أمام هجوم جهاديي الدولة الإسلامية، واستولت قوات البشمركة الكردية على العديد من "الأراضي المتنازع حولها" التي تسيطر عليها بغداد وتعتبرها أربيل أراضي كردية مثل كركوك التي توجد فيها أضخم الحقول النفطية في العراق.
     بدأ "شمال العراق" بتصدير النفط إلى تركيا مباشرة، الأمر الذي أدى إلى تسميم العلاقات مع بغداد منذ عام 2012. تعتبر بغداد أن العقود التي وقعها الأكراد مع الشركات النفطية الأجنبية غير قانونية، وفرضت العقوبات بحقها. ولكن هذه العقوبات لم تردع بعض الشركات مثل إكسون موبيل Exxon Mobil وشيفرون Chevron وغازبروم Gazprom وتوتال Total.
     اختارت كردستان الابتعاد عن إيران على الرغم من أن حدودها مع إيران هي الأطول، واستدارت باتجاه أنقرة على الرغم من سنوات العداء الطويلة بين تركيا والأكراد. إن 60 % من الشركات الأجنبية العاملة في أربيل هي شركات تركية، وسيتم افتتاح خمسة معابر حدودية جديدة بين كردستان وتركيا، وأصبح رجب طيب أردوغان العراب السياسي لمسعود البارزاني.
     تقوم الولايات المتحدة وبريطانيا بدعم الأكراد منذ عام 2003، ولكنهما متمسكتان بوحدة العراق، وحذرتا من مخاطر التقسيم الذي قد يعزز الاستقلال في مجال الطاقة. إذاً، الاستقلال ممكن. أشار أحد الدبلوماسيين الغربيين إلى أن الشركة النفطية الأمريكية إكسون موبيل هي أكبر المستفيدين من النفط الكردي. أكدت الولايات المتحدة بتاريخ 28 تموز أن سياستها تجاه العراق لم تتغير، على الرغم من أن أول ناقلة محملة بالنفط الكردي توجهت إلى الولايات المتحدة.
     إذا رأت هذه الدولة الكردية النور، فإنها لن تضم داخل حدودها إلا جزءاً من الأكراد الذين يتراوح عددهم بين ثلاثين وأربعين مليوناً منتشرين في تركيا وإيران وسورية والعراق، الأمر الذي يشكل نقطة ضعف كبيرة. لأنه هناك كردستان منافس في طور الولادة في شمال ـ شرق سورية تحت سيطرة حزب العمال الكردستاني الذي يتسم بالتوجه الماركسي وجناحه السياسي السوري حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يُثير قلق تركيا.
     تواجه هذه الدولة الكردية الأخرى في طور الولادة معارضة بعض الأحزاب الكردية السورية المعادية لحزب الاتحاد الديموقراطي والمؤيدة لزعامة مسعود البارزاني. إنها مواجهة بين رؤيتين لكردستان، وهناك خطر عدم نجاح أي منهما في تحقيق أهدافه. ولكن التهديد المتمثل بجهاديي الدولة الإسلامية ربما يدفع التيارين المتنافسين الكبيرين للقومية الكردية إلى تجاوز انقساماتهما في الوقت الحالي، وهذا ما أظهره تعاونهما أثناء الهجوم الأخير للمتطرفين السنة على مدينة سنجار الكردية العراقية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق