الصفحات

الأربعاء، ٢٧ آب ٢٠١٤

(الأسد المنبوذ يعود إلى الرهان)

صحيفة الليبراسيون 27 آب 2014 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     يسعى النظام السوري إلى النجاح في تحقيق خدعة استراتيجية رائعة. لم يلتزم باراك أوباما بوعوده المتعلقة بمعاقبة أي تجاوز لـ "الخط الأحمر" المتمثل باستخدام الأسلحة الكيميائية، واستمرت السلطة السورية بتطبيق الاستراتيجية التي وضعتها منذ بداية التمرد الشعبي في شهر آذار 2011، عبر المساعدة السرية للقوات الجهادية التي أصبحت اليوم الدولة الإسلامية لكي تقضي على التمرد من الداخل والاستمرار في الوقت نفسه بتقديم نفسها ضحية للجهاديين.
     أخرج وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم الاثنين 25 آب ورقة جديدة في هذا الرهان المزيف. يدرك الوزير السوري مدى القلق الأمريكي حول الوضع الإقليمي، وصرّح أن بلده مستعد للتعاون مع واشنطن ولندن من أجل القضاء على التهديد الإسلامي. أخذ الوزير علماً بأن واشنطن شنت فعلاً منذ تاريخ 8 آب أكثر من تسعين غارة جوية في شمال العراق، وأنها تنوي توسيع غاراتها إلى سورية التي تتواجه فيها الدولة الإسلامية مع بقية المجموعات المتمردة، وحتى الإسلامية منها، بالإضافة إلى القوات النظامية لبشار الأسد في الوقت نفسه. طلب الوزير السوري أن تكون أية ضربة أمريكية ضد الجهاديين في سورية بالتنسيق مع دمشق، واقترح على الأمريكيين قائلاً: "نحن نقترح تعاوناً وتنسيقاً دولياً مسبقاً للحيلولة دون أن يكون ذلك عدواناً"، كما أعرب وليد المعلم عن شكوكه تجاه فعالية الضربات الجوية لوحدها. وبدلاً عن ذلك، نصح "بتجفيف مصادر تمويل الإرهاب... وتبادل المعلومات، بعكس ما يجري حالياً".
     يسعى هذا التصريح إلى إعادة خلط الأوراق في الشرق الأوسط، وإعادة تشكيل تحالف جديد تكون سورية محوره. يأتي هذا التصريح غداة الانتصار الهام الذي حققته الدولة الإسلامية التي استولت على مطار الطبقة العسكري يوم الأحد 24 آب. أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان المقرب من المعارضة إلى أن الدولة الإسلامية قتلت مائة وسبعين جندياً. في الوقت الحالي، يفضل القادة السوريون عدم المخاطرة. أدان وليد المعلم بالتأكيد قطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي، منتقداُ في الوقت نفسه "صمت" الغرب عن المجازر التي ترتكبها الدولة الإسلامية بحق الجنود والمدنيين.
     تعتبر الولايات المتحدة أن الرهان ليس سهلاً. إن أي انخراط في سورية لا يمكن أن يظهر إلا بكونه دعماً إلى بشار الأسد. لا تجهل واشنطن الدور الهام الذي قامت به الأجهزة الأمنية السورية لصالح التمرد العراقي عندما كان الجيش الأمريكي يحتل العراق، وتسبب ذلك بمقتل عشرات الجنود الأمريكيين. بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي ذلك إلى تعزيز قوة السلطة العلوية، الأمر الذي سيُغضب السنة بشكل أكبر في الوقت الذي يتجابه فيه السنة والشيعة. هذا هو السبب في وجود بعض الحذر بانتظار قرار باراك أوباما، وقيام طائرات التجسس والطائرات بدون طيار الأمريكية بالتحليق فوق سورية تمهيداً لاحتمال توجيه ضربات جوية.

     لم ينتصر بشار الأسد حتى الآن. ولكنه بدأ بالظهور بأعين بعض الدول، وحتى الأوروبية منها، بأنه أقل الشرور عن طريق تقديم التمرد بأكمله سواء كان إسلامياً أم غير إسلامي كـ "إرهابيين" و"جهاديين". إنه يريد أن يُنظر إليه كحل للمشكلة في حين أنه جزء من السبب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق