الصفحات

الخميس، ٧ شباط ٢٠١٣

(واجب التدخل)


مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 7 شباط 2013 بقلم رئيس التحرير لوران جوفران Laurent Joffrin

     أكدت الحرب في مالي على شرعية "واجب التدخل" الذي يفرض نفسه أكثر فأكثر على الأمم الديموقراطية الكبرى. يجب أن نتذكر أن التدخل عندما يخضع لمعايير صارمة، فإنه يعطي في أغلب الأحيان نتائج أفضل بكثير من عدم التدخل.
    إن عدم التدخل في يوغسلافيا السابقة أدى في المرحلة الأولى إلى مقتل حوالي 200.000 شخص، وأدى عدم التدخل في رواندا إلى ارتكاب إحدى أكبر المجازر في التاريخ المعاصر. كما أدى عدم التدخل في سورية إلى حرب أهلية وحشية، وبقاء طاغية شرس في السلطة، وراديكالية الإسلاميين في المعارضة التي كانت تطلب في البداية بعض الإصلاحات الديموقراطية، بالإضافة إلى خطر زعزعة استقرار الشرق الأوسط بأسره.
     يجب أن تعتمد السياسة الخارجية من الآن فصاعداً على مفهوم جديد. ليس من مصلحة الأنظمة الديموقراطية في عصر ما بعد الحرب الباردة أن تترك التاريخ يجري بدونها. لا يمكنها الاكتفاء بالمبادىء التقليدية مثل: توازن القوى ومجرد الدفاع عن المصالح الوطنية. أصبحت الواقعية السياسية Realpolitik في عالم اليوم غير واقعية، إنها تؤدي إلى فوضى عالمية، وتدعم الطغاة والمتطرفين، وتجعل العالم أكثر خطورة. يجب على الأنظمة الديموقراطية أن تدعم، في كل مكان إن أمكن، نشر مبادئهم الخاصة، ولكن بشرط احترام الشرعية الدولية وضبط النفس وتقويم موازين القوى بشكل ذكي. إنها ليست طوباوية، بل مصلحة بالتأكيد. إن تقدم الديموقراطية في العالم يُساعد على تهدئة النزاعات، وتخفيف الأخطار التي تُهددنا، بالإضافة إلى أنها تتوافق مع تطلعات الشعوب. إن الوضع في مالي وفي مناطق أخرى من العالم، يتطلب ابتكار واقعية سياسية لحقوق  الإنسان رغم المصاعب والغموض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق