الصفحات

الأربعاء، ٦ شباط ٢٠١٣

(السنة الإيرانية لأوباما)


صحيفة الفيغارو 6 شباط 2013  بقلم الباحثة في جامعة برينستون الأمريكية آن ماري سلوتر Anne-Marie Slaughter
     ستكون الولاية الثانية للرئيس الأمريكي باراك أوباما مُخصصة بشكل كبير لقضايا السياسة الخارجية.  هناك توافق في واشنطن على أن عام 2013 سيكون "عاماً حاسماً" فيما يتعلق بإيران، على الرغم من النزاع السوري وخطر انتشار الحرب في منطقة الصحراء الإفريقية. قال الرئيس الأمريكي في كلمته التدشينية لولايته الأولى عام 2009: "يدنا ممدودة إذا كنتم مستعدين لتخفيف قبضتكم". وكرر هذا الالتزام في خطابه التدشيني لولايته الثانية، ولكن بتحايل قائلاً: "سنتحلى بالشجاعة لكي نحاول حل الخلافات التي نواجهها مع بقية الأمم بشكل سلمي، ليس لأننا لا نُدرك الأخطار المحيقة بنا، بل لأن الحوار أكثر قوة من الشك والخوف".
     أشار المثقف والناشط حسين إيبيش Hussein Ibesh مؤخراً إلى أن أوباما أحاط نفسه بمكتب سيترك له أكبر هامش للتفاوض مع إيران. وبشكل خاص، إن تعيين المحاربين القدماء لاستلام وزارتي الخارجية والدفاع، سيضمن له دعماً ثميناً لاتفاق سيتضمن بلا شك رفع العقوبات عن إيران والاعتراف شبه الأكيد بحقها في اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة التركيز. من المفترض أن يُقنع ذلك القادة الإيرانيين بالتصميم الأمريكي على التوصل إلى هذا الاتفاق.
     إن عبء العقوبات في أغلب الأحيان هو سلاح ذو حدين، يُصيب المُشتري والبائع. على سبيل المثال، لم تقطع كوريا الجنوبية واليابان مستورداتهما من النفط الإيراني إلا بتحفظ. ومن النادر أن تقوم دول مثل الصين وروسيا بدور صريح فعلاً بخصوص العقوبات.
     لن يستطيع أوباما الاستمرار إلى ما لا نهاية بالتلويح أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" كتهديد، دون أن يؤدي ذلك في النهاية إلى زوال مصداقيته بعيون الإيرانيين وبقية دول الشرق الأوسط. لقد أشارت سوزان مالوني Suzanne Maloney، الباحثة في شؤون السياسة الخارجية بمعهد بروكنغز، إلى أن دول المنطقة وغيرها من الدول مُصابة بالذهول بسبب غياب الزعامة الأمريكية فيما يتعلق بسورية. إذاً، لقد وضعت الولايات المتحدة نفسها في مأزق.
     تعهّد باراك أوباما مرات عديدة بدفع العالم نحو عالم خال من الأسلحة النووية. إنه مُقتنع (كما هو الحال بالنسبة لوزيري الخارجية السابقين هينري كيسنجر وجورج شولتز ووزير الدفاع السابق وليام بيري والسيناتور السابق سام نون Sam Nunn) بأنه إذا لم يتم العثور على وسيلة للعيش في عالم خال من الأسلحة النووية، فإننا سنجد أنفسنا في نظام دولي تملك فيه ثلاثين أو خمسين دولة السلاح النووي، الأمر الذي سيزيد من خطر استخدام السلاح النووي بشكل مقصود أو غير مقصود. إن إقناع الدول العظمى بالتخلص من ترساناتها النووية، يمكن أن يبدو غير واقعي، ولكن أوباما أشار بوضوح إلى أن مستعد للمحاولة.
     مهما كانت سياسة الاحتواء منطقية ومغرية، فإن تصميم أوباما على أن يترك وراءه إرثاً لنزع السلاح النووي في العالم، يستوجب ألا يسمح لأية دولة بامتلاك السلاح النووي ما دام رئيساً للولايات المتحدة، وذلك بعكس الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين سمحوا للهند وكوريا الجنوبية والباكستان بامتلاك السلاح النووي. إذاً، إن الرهانات كبيرة جداً سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو لإيران.
     سيكون من الأفضل لبقية الدول ألا تُقلل من تصميم أوباما. يجب على الدول التي تُحافظ على علاقات مع إيران أن تُشدد على ضرورة التفاوض على اتفاق. ومن الممكن أن تقوم بعض الدول مثل تركيا والبرازيل (وربما الهند ومصر) بدور مفيد من خلال تصوّر وسيلة تسمح بألا يفقد الإيرانيون ماء وجههم عند قبولهم بمطالب المجتمع الدولي، ومن خلال التفكير على المدى الطويل الأجل ببدائل عن تخصيب الوقود النووي ضمن احترام مبدأ تخفيض الخطر النووي الشامل. بالمقابل، يجب على جميع حلفاء الولايات المتحدة الاستعداد لقبول المبادىء العامة لهذا الاتفاق ولاتفاق الضربة العسكرية.
      إن فن السياسة لا يعني الاختيار بين الحرب والدبلوماسية كما لو أنهما خيارين يستبعد أحدهما الآخر، بل فهم كيف يمكن التوفيق بينهما. فيما يتعلق بسورية، دعا الغرب عدة مرات إلى الدبلوماسية مستبعداً أية فكرة حول العمل العسكري دون التوصل إلى نتيجة مُقنعة كما يظن البعض. لن ترتكب الولايات المتحدة هذا الخطأ مع إيران.    



   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق