الصفحات

السبت، ٢ شباط ٢٠١٣

(مناف طلاس: "إذا أسقطت الفوضى بشار، ستعم الفوضى بعده")


صحيفة اللوموند 26 كانون الثاني  2013 ـ مقابلة مع مناف طلاس ـ أجرى المقابلة بنجامان بارت Benjamin Barthe

     لا يُعبّر مناف طلاس كثيراً عن مواقفه، الأمر الذي سمح باستمرار المراهنات في بعض دوائر المعارضة حول صحّة انشقاقه. كشف مناف طلاس لصحيفة اللوموند عن المشروع الذي يعمل عليه،  وذلك في الوقت الذي من المفترض أن يجتمع فيه الإئتلاف الوطني السوري في باريس يوم الاثنين 28 كانون الثاني.
سؤال: اندلعت الثورة السورية قبل حوالي السنتين، وليس هناك حتى الآن لا غالب ولا مغلوب. ما الذي يجب انتظاره؟
مناف طلاس: هناك أربعة سيناريوهات محتملة: سيناريوهان جيدان وآخران سيئان. السيناريو السيء الأول هو اتساع الفوضى، ودخول المتمردين في النهاية إلى دمشق بعد عدة أشهر من المعارك المُدمّرة، ومقتل بشار الأسد في هذه المعمعة. في هذه الحالة، ستنتصر روح الانتقام، وسيهرب المُقرّبون من النظام والأقليات إلى الخارج، وسيختفي ما تبقى من الدولة تحت أنقاض دمشق. إذا أسقطت الفوضى النظام، فإن الفوضى ستعم بعده. السيناريو السيء الآخر هو استمرار الوضع الحالي في مواجهة لا مُنتصر فيها، لا غالب ولا مغلوب. هذا السيناريو الذي قد يستمر عدة سنوات، سيؤدي إلى دمار سورية شيئاً فشيئاً.
سؤال: ماذا عن "السيناريوهات الجيدة"؟
مناف طلاس: الأول هو أن يقبل بشار بعملية انتقالية حقيقية تحت الضغط الدولي، وأن تؤدي هذه العملية الانتقالية إلى انسحابه من السلطة. للأسف، يبدو لي أن ذلك غير ممكن. السيناريو الرابع البديل الذي أعمل عليه مع البعض هو جمع المعتدلين في جميع الأطراف ـ من المعارضة الداخلية والخارجية والجيش الحر والنظام ـ حول مشروع وطني وشامل بشكل حقيقي.
سؤال: ماذا تقصدون بـ "المعتدلين في النظام"؟
مناف طلاس: أولئك الذين يمكن استعادتهم، لأن أيديهم لم تتلوث بالدماء. يجب أن تعرفوا بأن الوزير في سورية لا يعني أنه يتمتع بالسلطة. وأن الانشقاق ليس بمقدور الجميع بسبب عدم إمكانية وضع العائلة في مكان آمن والهروب من مراقبة النظام.
أمر آخر: هناك عدد كبير من المسيحيين والعلويين لا يشعرون بالانتماء إلى النظام ولا إلى التمرد، ويخشون من النفوذ المتزايد للإسلاميين المتطرفين في هذا التمرد. بدلاً من القول لهم ماذا سيحصل بهم بعد سقوط بشار، يجب ضمهم منذ الآن إلى هياكل الثورة، ولاسيما إلى الجيش السوري الحر.
سؤال: قال الإئتلاف الوطني السوري وحتى الإخوان المسلمين، أحد المكونات الرئيسية للإئتلاف، أنهم يريدون دولة مدنية، أي لا عسكرية ولا دينية...
مناف طلاس: لسنا بحاجة إلى الكلام المعسول، ولكن إلى ضمانات. لن ينشق العلويون إذا لم يضمنوا مكانهم في الجانب الآخر. انظروا إلى مختلف رؤساء  المجالس الإقليمية للجيش السوري الحر: جميعهم من السنّة. إن ذلك يُعزز الجانب العلوي في الجيش النظامي. ضمن المنطق نفسه، يجب فصل موظفي الدولة عن مدار النظام من أجل الحفاظ على مؤسساتنا. إن الأمر الهام ليس اليوم التالي، بل اليوم السابق الذي سيُحدد كيف سيكون "التالي" بالضبط.
يُمضي بشار وقته في القول: "إذا سقطتُ، ستسقط سورية معي". يجب القيام بكل شيء لكي لا يحصل ذلك. لقد عاشت طوائفنا خلال ألفي عام بتناغم كامل، والعنف الحالي ناجم عن ردة فعل وليس عن ثقافة. ولكن كلما طالت المواجهات، كلما ازداد خطر العنف الطائفي. إذا لم نعمل على إقامة شبكة خلاص، فقد قُضي علينا.
سؤال: ما هو دور المجتمع الدولي في هذه الخطة؟
مناف طلاس: يجب عليه تبني برنامجاً لحماية سورية منذ الآن. أنا أعارض أي تدخل أجنبي حتى ولو كان على شكل منطقة حظر جوي، لأنه لا يجب سرقة انتصار الشعب. أنا أؤيد إرسال صواريخ أرض ـ جو، ولكن بشرط إعادة تنظيم الجيش السوري الحر بعيداً عن روح الانتقام.
يجب استخدام هذه الصواريخ كسلاح رادع، وليس من أجل نشر الدمار. عندما يرى النظام أن الشخصيات العلوية والمسيحية تنضم إلى الجيش السوري الحر، وأن المجتمع  الدولي لديه برنامج قادر على حماية الأراضي السورية، عندها سيسقط النظام أو سيقبل بمرحلة انتقالية جديرة بهذا الاسم.
سؤال: أظهر بشار الأسد في كلمته بتاريخ 6 كانون الثاني ثقة مُذهلة، كيف تُفسرون ذلك؟
مناف طلاس: يعيش بشار في فقاعة، ويُحيط به أنصاره وحلفاؤه الروس والإيرانيون. عندما تظاهر 250.000 شخص في شوارع حماة قبل سنة ونصف، قال له مسشاروه أن عدد المتظاهرين خمسة ألاف. وكان يُصدّقهم. أنا متأكد بأن بشار سينتهي بالسقوط. هذا ما يريده التاريخ وتُظهره الحقيقة على الأرض أيضاً. متى سيحصل ذلك؟ أنا لست كاهناً يعرف بالغيب. إن كل شيء يعتمد على السيناريو المُعتمد. المشكلة الحالية هي أن جزءاً كبيراً من المعارضة يؤمن بانتصار كامل ومُهين. لن نتقدم ما دام التفكير بهذا الشكل. يجب أن يقبل الجميع بخسارة القليل من أجل إنقاذ سورية. يجب على الثورة والنظام أن يتخلصان من المتطرفين فيهما.
سؤال: هل يمكن إصلاح الجيش السوري  الحر انطلاقاً من باريس؟ لماذا لا تذهبون للعمل ميدانياً؟
مناف طلاس: يسمح لي وجودي في باريس بالحفاظ على حرية الحركة والكلام. لا أريد أن أكون تابعاً للأتراك أو الأردنيين أو أي شخص آخر. كما أنه بصفتي ضابطاً، ليس لدي سيطرة حقيقية على الجيش السوري الحر الذي يُشكل المدنيون 80 % من أعضائه. بالمقابل، أنا على اتصال مع جزء كبير من الضباط المنشقين، وتربطني بهم علاقة ثقة واحترام.
سؤال: هل تتطلعون إلى دور خاص في مرحلة ما بعد الأسد؟
مناف طلاس: ليس لدي أي طموح شخصي. أحاول فقط تخفيف المعاناة. ما الفائدة من الانشقاق إذا لم أحاول أن أكون مفيداً؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق