الصفحات

السبت، ٣١ آب ٢٠١٣

(حتى الرد ضمن الإطار الأممي يبقى خطيراً)

صحيفة اللوموند 30 آب 2013 بقلم دوني بوشار Denis Bauchard، المستشار لشؤون الشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)

     يبدو أن احتمال التدخل العسكري المباشر، حتى ولو كان محدوداً، أصبح واضحاً لدى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ولكنه يطرح مشكلة قانونية هذا التدخل. ظهرت بعض الأصوات، ولاسيما في الولايات المتحدة، التي تعتبر أن موافقة الأمم المتحدة غير ضرورية. هذا الموقف ليس غريباً بالنسبة للولايات المتحدة التي تدخلت عدة مرات في السابق بدون احترام القانون الدولي كما حصل في العراق عام 2003. ولكن الأمر الأكثر غرابة هو انضمام بعض الأصوات الفرنسية إلى هذا الموقف، ولاسيما أن الدبلوماسية الفرنسية تتمسك دوماً بميثاق ومصداقية الأمم المتحدة، وتعتبر أنه لا يمكن حل مشاكل الشرق الأوسط إلا في إطار الأمم المتحدة. إن مثل هذا التدخل العسكري، حتى ولو كان محدوداً، بدون موافقة الأمم المتحدة بمبادرة من الدول الغربية ودعم من تركيا والدول العربية في الخليج سيكون فشلاً ذريعاً للأمم المتحدة.
      من الممكن أن نتساءل أيضاً عن فعالية مثل هذا التدخل، ولاسيما مع استبعاد إرسال قوات إلى الأرض أو إقامة منطقة حظر جوي. لا شك أن قصف بعض الأهداف الرمزية مثل بعض الأبنية الحكومية والقصر الرئاسي وبعض المنشآت العسكرية والأمنية سيكون تأثيرها محدوداً، ولن تساعد قضية المتمردين، بل على العكس. لن يحل هذا القصف مسألة "اليوم التالي"، بالإضافة إلى ما نسميه خجلاً بـ "الأضرار الجانبية"، ولن يؤثر هذا القصف على مقاومة النظام، وسيؤدي إلى تعزيز تصميمه وتصميم حلفائه في إيران وروسيا، ولن تخدم إلا مصالح الأكثر راديكالية.
     إن هذه الضربات التي يجب أن تكون محدودة بالزمن و"جراحية" ستفسح المجال أمام تدهور الوضع بشكل يمكن أن يؤدي إلى أزمة دولية كبيرة ربما تتسع إلى إيران والخليج. كما ستمنع أي تقدم على طريق الإدارة الحكومية العالمية التي ترتسم ملامحها في قمة الثمانية وقمة العشرين، وستسمح لروسيا بأن تكون على رأس "جبهة الرفض" تجاه الغرب الذي سيُعتبر كطرف معتدي.
     هناك طرق أخرى ممكنة مثل تعزيز الإجراءات الحالية: المساعدة الإنسانية وتدريب المقاتلين وإرسال الأسلحة عبر الشبكات السرية. ما زال إرسال الأسلحة متواضعاً على الرغم من التصريحات الرسمية. بشكل عام، إن التفكير والتشاور يفرضان نفسهما: ما هي الأهداف السياسية للولايات المتحدة وأوروبا في هذه المنطقة القريبة منهما؟ ما هي البدائل عن انهيار النظام الحالي؟ كيف يمكن إعادة بناء سورية الغد سواء كانت مقسمة أو موحدة؟ تطرح هذه الأسئلة نفسها في الوقت الذي ما زال فيه هامش المناورة محدوداً جداً في سورية ومصر وتونس بالنسبة للدول الغربية وروسيا.    
    


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق