الصفحات

الجمعة، ٣٠ آب ٢٠١٣

(باريس تريد مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل عبر قصف دمشق)

صحيفة الفيغارو 30 آب 2013 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     إن الحافز الكامن وراء الإرادة الفرنسية بـ "معاقبة" نظام بشار الأسد يتعلق بالتأكيد باعتبارات أخلاقية ومعنوية. إنه واجب حماية السكان المدنيين من قبل دولة تريد لنفسها أن تكون بطلة حقوق الإنسان واخترعت قانون التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. إنها أيضاً ضرورة حماية اتفاقية منع الأسلحة الكيميائية الموقعة في باريس عام 1993. ولكنها ليست الحوافز الوحيدة. إن التصميم على الرد على الهجوم الكيميائي يوم الأربعاء 21 آب في ضواحي دمشق يرتكز أيضاً، في باريس على الأقل، على ضرورة مكافحة انتشار الأسلحة غير التقليدية. أكد وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إلى صحيفة الفيغارو قائلاً: "إذا لم نتحرك اليوم، فهذا يعني السماح بجعل استخدام الأسلحة الكيميائية أمراً طبيعياً على المدى المتوسط. إن الجمود سيخلق سابقة، وليس فقط بالنسبة لسورية".
     لهذا السبب، قامت السلطات الفرنسية بربط الهجوم الكيميائي في دمشق بالملف الإيراني. يحاول المجتمع الدولي منذ عدة سنوات وبجميع الوسائل المتاحة منع ولادة القنبلة النووية الإيرانية. ولكن جميع الذين يحاولون معارضة تقدم البرنامج النووي الإيراني، من واشنطن إلى تل أبيب مروراً بباريس ولندن، يتذرعون بحجة أساسية هي أخطار انتشار الأسلحة غير التقليدية. إذا أصبحت إيران قوة نووية، فإن ذلك يهدد بسلسلة من ردود الفعل في المنطقة، ومن الممكن أن تقرر عدة دول في المنطقة مثل السعودية ومصر وتركيا البدء أو استئناف برامجها النووية لمواجهة  القوة الإقليمية الإيرانية.
     يخشى المحللون من أن تزايد عدد الدول النووية في الشرق الأوسط سيؤدي في النهاية إلى إلغاء آثار الاستقرار الناجمة عن الردع. إن مثل هذا الوضع سيهدد بسقوط السلاح النووي يوماً ما بأيدي المجموعات الإرهابية أو أطراف غير حكومية، وذلك بسبب الوضع الإقليمي غير المستقر. إن ما ينطبق على السلاح النووي، ينطبق على بقية أسلحة الدمار الشامل مثل الأسلحة الكيميائية والجرثومية. قال وزير الدفاع الفرنسي: "إن استخدام الأسلحة الكيميائية أكثر سهولة من استخدام الأسلحة النووية. إذاً، إنها مسألة تتعلق بالأمن الوطني".

     ستسمح هذه الحجة التي تلوح بها باريس بالقيام بحملة إعلامية أكثر فعالية تجاه الرأي العام الفرنسي على صعيد الملف السوري، لأنه يمكن تطبيقها بغض النظر عن الطرف الذي يستخدمها. ولكن إذا كانت الحرب في مالي قد حظيت بدعم واسع من قبل الفرنسيين، فلأن أهدافها وأخطار المجموعات الإسلامية المسلحة على الأمن الفرنسي كانت واضحة ومفهومة بشكل جيد. لا ينطبق كل ذلك على سورية التي تختلط فيها الأوراق: يعتبر الفرنسيون أن بشار الأسد لا يمكن التواصل معه، ولكنهم يخافون جداً من المعارضة التي اخترقتها المجموعات الإسلامية. إن التركيز على أخطار انتشار الأسلحة غير التقليدية ربما يسمح بالخروج من هذه الحلقة المفرغة خلال فترة التدخل على الأقل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق