الصفحات

السبت، ٢٤ آب ٢٠١٣

(الأسلحة الكيميائية: واشنطن تُفكر ملياً بردها)

صحيفة الفيغارو 24 آب 2013 بقلم مراسلتها في واشنطن لور ماندفيل Laure Mandeville

     هل ذهب بشار الأسد بعيداً جداً؟ هل استخدم الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع، وتجاوز "الخط الأحمر" الذي دعا باراك أوباما العام الماضي إلى عدم تجاوزه؟ ربما بدأت الإدارة الأمريكية بإمعان التفكير بهدوء حول ردها، على الرغم من التحفظات الكبيرة حول أي  تدخل عسكري خارجي جديد.
     لم تتأكد حتى الآن المعلومات القائلة بأن الدكتاتور السوري ربما تمكن من قتل أكثر من ألف شخص في ضواحي دمشق عبر استخدام أسلحة سامة للأعصاب، ولكن هذه المعلومات يمكن أن تصبح لحظة حاسمة بالنسبة للبيت الأبيض الذي يناقش حالياً الرد الواجب اتخاذه إزاء الأزمة السورية. قال برايان كاتوليس Brian Katulis، الباحث الذي يتابع عن كثب هذا الملف في مركز Center for American Progress: "ربما بدأ يتلاشى التردد السائد منذ عامين بسبب أخطار اتساع النزاع، كما نرى في لبنان. ما زال المسؤولون الأمريكيون يعتقدون بأن الحل النهائي لن يكون عسكرياً، ولكنهم يعترفون بالطابع غير الواقعي إطلاقاً للدفاع عن فكرة السلام، في الوقت الذي ربما استخدمت فيه السلطة الأسلحة الكيميائية على مسافة عدة كيلومترات من المكان الذي يتواجد فيه مفتشو الأمم المتحدة".
     اعتبر كاتوليس أن "الفكرة القائلة باستخدام تكتيكي محدود للقوة بدأت تشق طريقها، وأصبحت ضرورية بلا شك لتجنب حرب إقليمية أكثر اتساعاً". يعتبر عدد متزايد من أصحاب القرار أن الولايات المتحدة لا يمكنها السماح للأسد بازدراء واختبار قدرتها على التحمل لفترة أطول، قال كاتوليس: "بدأ بعضهم بالتبرم من هذا الرجل، لن أتفاجىء إذا حصل تدخل محدود في فصل الخريف". كما لم يستغرب كاتوليس المعلومات المتعلقة بفرق الكوماندوس الإسرائيلية المدعومة من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية التي تشرف على تدريب مئات الرجال في الجيش السوري الحر في الجنوب، وقال: "هناك حديث بشكل موارب عن هذه العمليات السرية منذ بعض الوقت". وكان هذا الباحث قد ذهب إلى الأردن مؤخراً.
     كما هو الحال في كل أزمة خطيرة في السياسة الخارجية، ما زالت الولايات المتحدة منقسمة حتى قمة السلطة حول ما يجب القيام به. أشارت نيويورك تايمز بوم الجمعة 23 آب إلى انعقاد اجتماع استمر ثلاث ساعات ونصف قبل يوم واحد بين كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض والبنتاغون وأجهزة الاستخبارات، وظهر بعد هذا الاجتماع وجود "انقسام بين أولئك الذين يعتقدون بأنه يجب علينا التحرك الآن، وأولئك الذين يعتبرون بأن الوقت غير ملائم إطلاقاً للتحرك".
     تزايدت حدة هذا النقاش الإستراتيجي منذ يوم الخميس 22 آب بالتعاون مع الحلفاء الذين اتصل بهم وزير الخارجية جون كيري خلال اليومين الماضيين. وهكذا ظهرت من جديد مختلف السيناريوهات المطروحة على الطاولة ابتداءاً من الضربات الجوية المحددة للقضاء على طيران الأسد، وانتهاءاً بإقامة منطقة حظر جوي في جنوب سورية بشكل يسمح بتوفير قاعدة آمنة لقوات الجيش السوري الحر. هناك أيضاً حديث عن تسليح الفصائل المتمردة المعتدلة.

     يبدو أن البنتاغون غير متحمس كثيراً لتحمل مسؤولية التدخل العسكري المحتمل، وهذا ما كشفت عنه الرسالة التي وجهها رئيس الأركان الأمريكي مارتن ديمبسي إلى أحد أعضاء الكونغرس، وأشار فيها إلى الكلفة الباهظة جداً للتدخل المحتمل (مليار دولار شهرياً خلال عام في حال إقامة منطقة حظر جوي). ولكن الأجهزة المتخصصة بمكافحة الإرهاب مثل وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بدأت بإدراك خطر السماح باتساع بؤرة العنف السورية بدون عراقيل، وذلك بعد أن كانت تلتزم بموقف متحفظ. يبدو أن جون كيري في طليعة الذين يعملون من أجل التحرك بشكل حاسم. ربما يتعلق هذا الأمر بمصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولاسيما تجاه إيران.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق