الصفحات

السبت، ٣١ آب ٢٠١٣

(لا يجب على واشنطن التدخل!)

صحيفة اللوموند 30 آب 2013 بقلم أستاذ العلاقات الدولية في هارفرد ستيفن والت Stephen M. Walt

     حتى في حال البرهان على استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية، لن يُرجح ذلك كفة الميزان لصالح التدخل العسكري الأمريكي. إن التفكير بعكس ذلك سيُضفي وزناً مبالغاً به للأسلحة التي استطاعت قوات الأسد استخدامها، ويتجاهل الأسباب العديدة التي تجعل من التدخل العسكري الأمريكي غير مناسب.
     بالطبع، من المؤسف لجوء بشار الأسد إلى الأسلحة الكيميائية، ولكن من غير المؤكد أن يؤدي ذلك إلى تغيير تقويم المصالح الأمريكية في هذه القضية. إن وحشية النظام السوري معروفة منذ عدة عقود، وقواته المسلحة قتلت آلاف الأشخاص بالوسائل التقليدية. بالمحصلة، ما هو الفرق بين أن يقتل الأسد معارضيه بقنابل وزنها 250 كغ وقذائف الهاون والقنابل الانشطارية والرشاشات أو بغاز الساران؟ الموت هو نفسه بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة.
     يقول أنصار العمل العسكري أنه يجب على الولايات المتحدة التدخل للدفاع عن مبدأ منع الأسلحة الكيميائية. إن الغاز المثير للأعصاب ممنوع مثل غاز الساران بنظر القانون الدولي، ولكنه ليس "سلاح تدمير شامل" بالمعنى الدقيق للكلمة. إن الأسلحة الكيميائية بشكل عام أقل فتكاً من الأسلحة المسموحة مثل الذخيرة شديدة الانفجار، وذلك نظراً لأن استخدام الأسلحة الكيميائية معقد في المعارك. إذاً، نحن ندافع عن مبدأ ينطبق على أسلحة أقل تدميراً من القنابل التي سنستخدمها في حال التدخل. إن تبرير الرد المحتمل من قبلنا سيكون أكثر إقناعاً لو كانت الحكومة الأمريكية لا تتجاهل القانون الدولي في كل مرة يعرقل فيها مبادرة أمريكية.
     على أي حال، إن التدخل فكرة سيئة. لا تستطيع الضربات الجوية القضاء على ترسانة الأسد الكيميائية، ومن غير المحتمل أن تتمكن من تغيير موازين القوى لصالح المتمردين. وحتى لو تحقق ذلك، فإن هذا الوضع سيوفر للأسد سبباً إضافياً لاستخدام أسلحته غير التقليدية بشكل أوسع. سيؤدي سقوط الأسد إلى إنهيار الدولة السورية، وسيتسبب باندلاع صراع بلا هوادة بين مختلف الفصائل المتمردة. لا شك أن التمرد السوري بدأ كحركة إصلاح سلمية، ولكن المجموعات المتمردة الأكثر قوة اليوم هي المتطرفين الجهاديين، وهم آخر ما نتمنى وصولهم إلى السلطة في دمشق. ما زال الحذر واجباً بغض النظر عن الوسائل العسكرية التي تستخدمها قوات الأسد.

     النقطة الأخيرة، ربما يحاول باراك أوباما ضرب دمشق نظراً لأنه تهور وحدد "خطاً أحمراً" حول مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية، وبالتالي تولد لديه الانطباع بأن مصداقيته تتعرض للامتحان. ولكن اتخاذ قرار إضافي غير عقلاني لن يُعيد السمعة المفقودة للولايات المتحدة. لا تتمتع القوة الأمريكية بالمصداقية إلا عندما تُستخدم لحماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة. ليست هناك أية مصلحة للولايات المتحدة في الذهاب والتورط في سورية. ولن تتغير هذه الحقيقة مع استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل القوات الحكومية السورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق