الصفحات

الأحد، ١٤ نيسان ٢٠١٣

(سورية، حاجة عاجلة لمساعدة إنسانية)


 افتتاحية صحيفة اللوموند 14 نيسان 2013

     تتساقط "الخطوط الحمراء" واحداً بعد الآخر، ويبدو أنه لا شيء قادر على إخراج القادة الغربيين من شللهم أمام المأساة السورية. بعد أن لجأ نظام بشار الأسد إلى الطيران وصواريخ سكود، يبدو أنه استخدم فعلاً أسلحة كيميائية ضد شعبه. أكد بعض الدبلوماسيين الغربيين أمام الصحافة دون أن يكشفوا عن أسمائهم أنهم يملكون "براهين قوية ومُقنعة جداً" حول استخدام "مُتفرق" للأسلحة الكيميائية.
     كانت دمشق مُقتنعة بأن المتمردين استخدموا الأسلحة الكيميائية في شمال سورية، وأرادت قدوم لجنة تحقيق من الأمم المتحدة. ثم غيّر النظام رأيه فجأة تحت تأثير الإلحاح الفرنسي والبريطاني بتوسيع مجال التحقيقات إلى جميع الأراضي السورية.  تدعم موسكو مرة أخرى موقف سورية في الأمم المتحدة، ويبدو أن الدول الغربية غير مستعدة للقيام بمواجهة حول هذا الموضوع.
     كان بارك أوباما قد جعل من السلاح الكيميائي "الخط الأحمر" الوحيد أمام النظام السوري بخصوص القمع، وأكد ذلك بعده فرانسوا هولاند ودافيد كاميرون. في هذا المجال، أخطأ المتمردون السوريون في ردة فعلكم تجاه هذا الإعلان، واعتبروا أنه يعطيهم الضوء الأخضر الضمني لارتكاب جميع أشكال الأعمال الوحشية في سورية.
     إذا استمر الشلل الغربي، فسوف يؤدي إلى نتيجة واحدة هي: لن يكون لكلامهم أي قيمة لدى المتمردين السوريين الذين سيجدون أنفسهم مُجبرين على التوجّه نحو الأحزاب المتطرفة مثل جبهة النصرة التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، وتحلم بالاستيلاء على ترسانة الأسلحة التقليدية لنظام مكروه لكي تُعذّبه كما عذّب السوريين، ثم ستلتفت إلى أعدائها اللدودين: إيران الشيعية وإسرائيل.
     هناك مجال آخر قام فيه ما يُسمى بـ "أصدقاء سورية" بخيانة وعودهم: إنه مجال المساعدة الإنسانية للمناطق المحررة وللدول المجاورة لسورية. قامت المفوضية العليا للاجئين والمُنسّق الإقليمي فيها بانوس مومتزيس Panos Moumtzis بدق جرس الإنذار عندما أكدت مؤخراً بأنها وصلت إلى "نقطة التصدّع".
     تُشير الإحصائيات حالياً إلى وجود أكثر من 1.3 مليون لاجىء، وأن عددهم يزداد 200.000 لاجىء شهرياً. من المُنتظر أن تستقبل الأردن 1.2 مليون لاجىء حتى نهاية العام، أي ثلاثة أضعاف عددهم الحالي. يُعادل هذا العدد خُمس عدد سكان المملكة الهاشمية الصغيرة. يُعاني لبنان أيضاً من عبء عدد اللاجئين، ويستعد للمرة الأولى منذ عدة عقود لفتح مخيمات للاجئين على أرضه. عندما نعرف ما هي الصدمات التي تسبب بها الوجود الفلسطيني في لبنان، سوف نُقدّر مدى أهمية سقوط أحد المحرمات في لبنان والوضع العاجل الذي يفرض نفسه.
      لم يتم تحويل إلا 400 مليون دولار فقط إلى السكان السوريين من أصل المبالغ الموعودة التي تبلغ 1.5 مليار دولار. إن هذا التقتير يُهدد بزعزعة استقرار البلد الذي وصل إلى حافة الهاوية. ليس هناك أي مبرر لنقص المساعدة الإنسانية بعكس الحال بالنسبة لموضوع تسليح المتمردين. إن من واجب المجتمع الدولي تقديم مساعدة إنسانية على نطاق واسع من أجل ضحايا هذا النزاع. هذا ما يمكن القيام به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق