الصفحات

الثلاثاء، ١٦ نيسان ٢٠١٣

(في سورية، الجهاديون يُزعجون المعارضة)


صحيفة الفيغارو 16 نيسان 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     هل كان بياناً لا حاجة له؟ أعلنت جبهة النصرة مؤخراً ولاءها إلى رئيس تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الأمر الذي أجبر مختلف مكونات التمرد على التخلّي عن صمتهم المُربك، واتخاذ موقف تجاه هذا الحليف المُزعج الذي ينوي إقامة خلافة إسلامية في سورية بعد إسقاط الدكتاتور "المُلحد" بشار الأسد.
     انتهت المماطلة: بدأت الألسنة تتخلص من عقدتها منذ قيام الزعيم الغامض لجبهة النصرة أبو محمد الجولاني بالإعلان عن ولائه إلى خليفة أسامة بن لادن على رأس الحركة الإرهابية. ردّت الجبهة الإسلامية لتحرير سورية، وهي التحالف الإسلامي الأهم الذي يضم في صفوفه بعض الإخوان المسلمين وبعض المستقلين وبعض المقاتلين السلفيين، قائلة: "لم نقم بإعلان الجهاد ضد النظام من أجل إعلان الولاء إلى هذا الشخص أو ذاك، وليس من أجل فرض بعض الأشياء على شعبنا رغماً عنه". يختلف هذا الكلام كثيراً عن التصريحات التي أدلى بها مسؤولو المعارضة بجميع تياراتها تقريباً عندما أكدوا قبل شهرين أنهم "يُرحبون بجميع الأسلحة ضد بشار الأسد": يعني ذلك أنه لا يمكن طرد أي فصيل متمرد، لأن ذلك يُهدد بخطر تفاقم الانقسامات بين المجموعات المسلحة في هذه المعارضة. ولكن قيام جبهة النصرة بإعلان الولاء إلى تنظيم القاعدة أدى إلى تسريع الجدل.
     تُلقي هذه الحيرة بثقلها: إذا كانت جبهة أحرار الشام، المُكوّن الأساسي للسلفية السورية، لم تُعلن موقفها حتى الآن، فإن عرابها الإيديولوجي أبو بصير الطرطوسي وصف إلحاق جبهة النصرة بتنظيم القاعدة بأنه "استفزاز". لقد عارض أبو بصير الطرطوسي عمليات التفجير الانتحارية التي ارتكبتها جبهة النصرة، كما عارض ولاء هذه المجموعة إلى رجل غير سوري.
     تُزعج جبهة النصرة أيضاً قادة الإئتلاف السوري الذين حصلوا على دعم المجتمع الدولي في نهاية العام الماضي، لأنهم يخشون من استغلال السلطة السورية لهذا التحالف بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة. أدان بيان صادر عن الإئتلاف قائلاً: "نحن نعارض بحزم أي عمل أو بيان يتعارض مع إرادة الشعب السوري وأهداف الثورة. إن مثل هذه المبادرات تخدم نظام الأسد فقط". ولكن الإئتلاف انتقد في شهر كانون الأول الماضي القرار الأمريكي بوضع جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية بحجة أن هذه المجموعة كانت تابعة لتنظيم القاعدة في العراق. سيبذل هذا الإئتلاف كل جهده من الآن فصاعداً من أجل إقناع جبهة النصرة بحصر معركتها ضمن حدود القومية السورية بعيداً عن نظام الخلافة الذي يتمنى تنظيم القاعدة إقامته في المشرق بعد سقوط الأسد. ولكن لا شيء يدل على أن الإئتلاف سينجح في ذلك. على الصعيد الميداني، هناك جسور تصل بين جبهة النصرة وأعضاء بقية المجموعات التي أصبحت تعارض حالياً التعاون مع تنظيم القاعدة. من جهة أخرى، إذا لم يحصل المتمردون القوميون على أسلحة متطورة، فإنهم يخاطرون بالبقاء كصورة باهتة أمام مقاتلي جبهة النصرة المُتمرسين والمُمولين بشكل جيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق