الصفحات

السبت، ٢٧ نيسان ٢٠١٣

(الدوحة ـ الرياض: صراع النفوذ)


صحيفة الليبراسيون 27 نيسان 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     حددت قطر سياستها خلال فترة طويلة تبعاً للسياسة السعودية، وتتشاركان بالإيديولوجية السنية الوهابية، ولكن قطر تخلط النزعة العربية بها. تشعر قطر أنها محمية من حليفها الأمريكي، وتتمتع بهامش معقول من المناورة. ولذلك تترصد قطر العالم الإسلامي باحثة عن الفوائد التي يمكن أن تُحققها فيه من الناحية السياسية والدبلوماسية دون نسيان الدوافع التجارية. اعتقدت هذه الإمارة الصغيرة عندما بدأت الثورات العربية أن دورها قد حان لكي تكون في طليعة هذه الثورات، وقامت بدعم الإخوان المسلمين، وموّلت القوى الإسلامية العابرة القوميات بعكس الرياض المصدومة بهذه الثورات.
     قال الباحث السياسي كريم صدر: "تريد قطر إسقاط الجمهوريات العلمانية الاستبدادية في العالم العربي واستبدالها بـ (الواقعية الإسلاموية) للبورجوازية الإسلامية في المدن على نمط حزب النهضة في تونس. كما تريد قطر تجسيد الوهابية في القرن الواحد والعشرين. بالنسبة لقطر، لم تعد عائلة سعود تتمتع بالشرعية، ويجب التوصل إلى تسوية بين الوهابية وشكل من أشكال الحداثة".
     سوف يتعقّد الرهان حول سورية، لأن السعودية لا يمكن أن تسمح لنفسها بالبقاء بعيدة عن التدخل في نزاع يجمع العالم الإسلامي بأسره ضد عائلة الأسد. قامت قطر والسعودية بدعم المجموعات المتمردة التابعة لهما، أي المجموعات المنضوية تحت راية الإخوان المسلمين بالنسبة لقطر، والمجموعات التي تدعو إلى السلفية الوهابية الأكثر تطرفاً بالنسبة للسعودية. ما زال هذا النزاع القطري ـ السعودي يُلقي بعبئه على المعارضة السورية التي لم تتمتع حتى الآن بقيادة حقيقية، وبالتالي، لا تستطيع تشكيل جبهة واحدة في مواجهة النظام. يعتبر بعض الخبراء أن عملية إعادة بناء المعارضة السورية تستوجب مصالحة بين الدوحة والرياض، ولكن ما زالت هذه المصالحة بعيدة.
     يملك الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إحدى أجمل الفيلات في دمشق، الأمر الذي يدل على أن أمير قطر وبشار الأسد كانا على توافق تام لفترة طويلة. لقد استثمر الأمير مليارات الدولارات في بلد هذا الطاغية، كما توسّط من أجله على الساحة الدولية ولاسيما لدى باريس. كانت قطر تدعم السلطة السورية في بداية التمرد، ثم تدهورت العلاقات بين الزعيمين. إن أحد أسباب تدهور هذه العلاقات هو رفض الأمير لإسكات يوسف القرضاوي، وأصبح الأمير اعتباراً من شهر أيار 2011 أشد أعداء بشار الأسد، ودعا إلى إرسال قوة عسكرية عربية لمساعدة المتمردين في شهر كانون الثاني 2012.
     هل عنف القمع هو الذي يُفسّر هذا التحول المذهل في الموقف القطري؟ ربما، ولكن قطر ستسمح لأمير البحرين بسحق التمرد ضده دون أي اعتراض، صحيح أن البحرين ذات أغلبية شيعية. لا يبدو أن دوافع الأمير القطري ذات صبغة دينية، لأنه تفاهم طويلاً مع الأسد، وهو علوي يعتبره القرضاوي مثل الملحدين. من الناحية الإيديولوجية، من الصعب تحديد إيديولوجية أمير قطر الذي يستقبل قاعدة العديد الأمريكية منذ عام 2003، ويشتري أغلب أسلحته من فرنسا، ولديه علاقات مع إسرائيل، واستقبل رئيس حماس خالد مشعل، ويسمح لتلفزيون الجزيرة ببث بيانات تنظيم القاعدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق