الصفحات

الاثنين، ١٤ كانون الثاني ٢٠١٣

(إنعقاد المحكمة الجنائية الدولية ليس ولا يجب أن يكون جهداً وحيداً ومعزولاً)


صحيفة اللوموند 12/1/2013 ـ مقابلة مع مديرة مكتب منظمة هيومان رايتس ووتش في بروكسل لوت ليشت Lotte Leicht ـ أجرى المقابلة ناتالي نوغايرد Natalie Nougayrède

 تقوم لوت ليشت بإدارة مكتب منظمة هيومان رايتس ووتش في بروكسل، وهي جزء من الناشطين الذين يعملون من أجل إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
سؤال: كيف يمكن لمسعى الدول الخمسين الذي يطالب بإدخال المحكمة الجنائية الدولية في الملف السوري، أن يؤدي إلى "تحريك" الموقف الروسي في الأمم المتحدة؟
لوت ليشت: إن التغلب على إستراتيجية الممانعة الروسية في مجلس الأمن، لن يكون أمراً سهلاً بالتأكيد. ولكن إحالة الملف  السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، سيكون الإجراء الحيادي الوحيد الذي يمكن أن يتبناه مجلس الأمن تحت الفصل السابع (لميثاق الأمم المتحدة)، وربما يؤدي ذلك لاحقاً إلى جذب روسيا. إن التصويت على العقوبات يستوجب قيام مجلس الأمن بتحديد أشخاص ومؤسسات، ولكن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية يعني دخول سلطة قضائية مستقلة. وهذا يعني أن المحكمة ستنظر في تصرفات مقاتلي المعارضة والجهاديين والميليشيات والقوات الحكومية بدون تمييز.
لا يستطيع مجلس الأمن أن يُملي على المحكمة الجنائية الدولية أسماء الأشخاص الذين يجب ملاحقتهم. لقد تم توثيق جرائم الحرب المرتكبة من قبل جميع الأطراف، على الرغم من عدم وجود "توازن" بين التجاوزات المرتكبة بين أطراف النزاع، وعلى الرغم من اختلاف مستوى خطورة جرائم الحرب المرتكبة من قبل مختلف الأطراف. إن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية ربما يُحقق مصلحة روسية، لأنه لا يتضمن أية محاباة.
ولكن "التحرك" الروسي في مجلس الأمن غير مُحتمل، إذا لم يتم إطلاق النداء عبر تحالف كبير من الدول. وهنا تكمن الأهمية الكبيرة لهذه الرسالة وهذه المبادرة. يجب أن نأمل بأن تكون هذه المبادرة حافزاً يسمح بانضمام مزيد من الدول إلى هذه الجهود وزيادة الضغط على مجلس الأمن.
سؤال: هل هناك خطر بأن تظهر العدالة الدولية كبديل عن أعمال أخرى من أجل وقف القتل في سورية؟
لوت ليشت: إن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية ليس ولا يجب أن يكون جهداً وحيداً ومعزولاً. يجب أن تكون العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب جزءاً من جهد دولي أكثر اتساعاً من أجل حماية المدنيين. إن رفع "ثمن" التجاوزات اليوم، سيكون قادراً على التأثير على تصرفات هذا الطرف أو ذاك في المستقبل.
سؤال: ما هي النتائج المتوخاة من إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
لوت ليشت: يمكن أن يؤدي إلى تسريع "خروج" الأسد. لأن روسيا والصين سترسلان رسالة واضحة مفادها أن النظام السوري لن يكون بوسعه الاعتماد على دعمها. إن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية، لن يمنع الأسد من مغادرة سورية إلى دولة أخرى. إذا لم يكن أمامه وأمام المحيطين به الكثير من الخيارات، فإن ذلك لا علاقة له بالمحكمة الجنائية الدولية. من جهة أخرى، هناك حقيقة قضائية مفادها وجود آلية قضائية عالمية، وقد انضمت إليها الكثير من الدول، وهذا سيُعرّض الأسد إلى الملاحقة في حال سفره إلى هذه الدول.
إن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية سيساعد على تهميش ونزع الشرعية عن الأسوأ في سورية، وهذا ما حصل في البوسنة عندما تم إبعاد رادوفان كارادزيتش وراتكو مالاديتش عن مفاوضات السلام بمجرد صدور أوامر باعتقالهما من قبل المحكمة الدولية. من جهة أخرى، سيُساعد ذلك المعارضة السورية على حض مجموعاتها المسلحة بعدم ارتكاب تجاوزات. إن ذلك سيساعد على تجنب جرائم الحرب من قبل الذين يريدون أن تكون لهم شرعية في سورية الغد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق