الصفحات

الثلاثاء، ١٥ كانون الثاني ٢٠١٣

(سورية، أنقاض وحياة)


صحيفة الليبراسيون 15/1/2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perri

     يُلاحظ أحياناً ضوء ينبعث من بين الأنقاض، لا يمكن أن يكون ضوء لمبة كهربائية لأن التيار الكهربائي مقطوع عن الأحياء المتمردة. يبدو أن القصف لم يستطع القضاء على الحياة. إن هذا الضوء في أغلب الأحيان عبارة عن موقد من الجمر تلتف حوله عائلة أكثر فقراً من بقية العائلات، ولم تجد ملجأ آخر.
     أصبحت الأنقاض تُغطّي المدن السورية واحدة تلو الأخرى منذ صيف عام 2011. كانت الضواحي هي الأكثر تعرضاً للتدمير، لأن التمرد انتشر بشكل خاص في الضواحي الفقيرة التي يقيم فيها الفلاحون الذين تركوا أراضيهم، ولم يحصلوا على شيء من السلطة.
      ما زالت حمص حتى هذا اليوم المدينة المُتوّجة بـ "عاصمة الثورة"، وهي التي دفعت ثمناً باهظاً في مواجهة مدفعية النظام. تعرضت هذه المدينة الصناعية في بداية عام 2012 إلى القصف من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة السادسة مساءاً، ولاسيما حي باب عمرو التي كان مركز التمرد لفترة طويلة. لقد غادر أكثر من 400.000 شخص هذه المدينة، وتتعرض منطقة حي الخالدية السكني إلى الحصار منذ أربعة أشهر.
     وصلت الحرب اليوم إلى حلب التي يتقاسمها الجيش النظامي والمتمردون. تقوم طائرة ميغ مقاتلة، بشكل منتظم، باستهداف مستشفى دار الشفاء الذي تحول إلى تلّة من الحجارة، أو باستهداف أحد الأفران النادرة المفتوحة التي ينتظر السكان أمامها عدة ساعات على أمل الحصول على رغيف خبز. كما تعاني أيضاً المدينة القديمة التي تتشابك خطوط المواجهة فيها، الأمر الذي يمنع استخدام المدفعية الثقيلة والطائرات، ولكن قذائف الهاون ألحقت أضراراً كبيرة بالجوامع و الخانات.
     تُشير أرقام المنظمات غير الحكومية إلى نزوح 2.5 مليون شخص هرباً من المعارك، ولكنهم لا يستطيعون الهرب من موجة البرد القارس التي أصابت البلد في الأسابيع الماضية. أشارت منظمة Avaaz الأمريكية غير الحكومية إلى أن سعر الفيول ارتفع بنسبة 500 % منذ بداية أعمال العنف، كما ارتفع سعر خشب التدفئة 350 %. قال أحد ناشطي هذه المنظمة في دوما: "إن الوضع يزداد سوءاً بسبب النوافذ المكسورة والجدران المُهدّمة جرّاء القصف. نحاول تدفئة أنفسنا بالأغطية أو بحرق خشب الأبواب والنوافذ المُحطمة. ولكن ذلك قد يضر بصحة الأطفال ولاسيما الأطفال الرضع".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق